فأمّا تفسيرها أخبرنا عقيل بن محمد بن أحمد الفقيه : إنّ أبا الفرج المعافى بن زكريا القاضي ، أخبرهم عن محمد بن جرير ، حدثني أحمد ، حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ، حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج ، عن أرطأة بن المنذر ، قال : جاء رجل إلى ابن عباس ، فقال له وعنده حذيفة بن اليمان : أخبرني عن تفسير قول الله تعالى : (حم * عسق) قال : فأطرق ثمّ أعرض عنه ، ثمّ كرّر مقالته ، فلم يجيبه بشيء ، وكرّر مقالته ، ثمّ كرّر الثالثة ، فلم يجيبه شيئا ، فقال له حذيفة : أنا أنبئك بها ، قد عرفت لم كرهها ، نزلت في رجل من أهل بيته ، يقال له : عبد الإله أو عبد الله ، ينزل على نهر من أنهار المشرق ، يبني عليه مدينتان يشق النهر بينهما شقا ، فإذا أذن الله تعالى في زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ومدّتهم ، بعث الله تعالى على إحداهما نارا ليلا ، فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كلّها لم تكن مكانها ، وتصبح صاحبتها متعجبة كيف أفلتت ، فما هو إلّا بياض يومها ذلك حتّى يجمع فيها كلّ جبّار عنيد منهم ، ثمّ يخسف الله تعالى بها وبهم جميعا ، فذلك قوله تعالى : (حم عسق). يعني عزيمة من الله وفتنة وقضاء (حم * عسق) عدلا منه ، سين سيكون فتنة ، قاف واقع بهما ـ بهاتين المدينتين.
ونظير هذا التفسير ما أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن ، حدثنا عبد الله بن مخلة ، حدثنا إسحاق بن بشر الكاهلي ، حدثنا عمار بن سيف الضبي أبو عبد الرّحمن ، عن عاصم الأحول ، عن أبي عثمان النهدي عن جرير بن عبد الله ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : تبنى مدينة بين دجلة ودجيل وقطربل والصّراة تجتمع فيها جبابرة أهل الأرض ، تجبى إليها الخزائن ، يخسف بها ، وقال مرة : يخسف بأهلها ، فلهي أسرع ذهابا في الأرض من الوتد الحديد في الأرض الرخوة.
وذكر عن ابن عباس إنّه كان يقرأ (حم * سق) بغير عين ، ويقال : إنّ السين فيها كلّ فرقة كائنة ، وإنّ القاف كلّ جماعة كائنة ، ويقول : إنّ عليا إنّما كان يعلم الفتن بهما، وكذلك هو في مصحف عبد الله (حم * سق).
وقال عكرمة : سأل نافع بن الأزرق ابن عباس عن قوله : (حم * عسق).
فقال : (ح) حلمه ، (م) مجده ، (عين) علمه ، (سين) سناه ، (ق) قدرته ، أقسم الله تعالى بها.
وفي رواية أبي الجوزاء إنّ ابن عباس ، قال لنافع : (عين) فيها عذاب ، (سين) فيها مسخ ، (ق) فيها قذف. يدلّ عليه ما روي في حديث مرفوع إنّ النبي صلىاللهعليهوسلم لما نزلت هذه الآية عرفت الكآبة في وجهه ، فقيل له : ما هذه الكآبة يا رسول الله؟ قال : أخبرت ببلاء ينزل في أمتي. من خسف ومسخ وقذف ، ونار تحشرهم وريح تقذفهم في اليم ، وآيات متتابعات متصلة بنزول عيسى عليهالسلام ، وخروج الدجال.