أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) (١). (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) من المؤمنين بيانها ويستغفرون للّذين آمنوا (أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
قال الحكماء : وعظّم في الابتداء ، ثمّ بشّر وألطف في الانتهاء.
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ) يحفظ أعمالهم ويحصي عليهم أفعالهم ليجازيهم بها (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) إن عليك إلّا البلاغ. (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى) مكّة ، يعني أهلها. (وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ) أي بيوم الجمع. (لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ) أي منهم فريق (فِي الْجَنَّةِ) فضلا وهم المؤمنون. (وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) عدلا وهم الكافرون.
أخبرنا الإمام أبو منصور الجمشاذي ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا أبو عثمان سعيد ابن عثمان بن حبيب السوحي ، حدثنا بشر بن مطر ، حدثني سعيد بن عثمان ، عن أبي راهويه جدير بن كريب ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ وكان النبيّ صلىاللهعليهوسلم يفضّل عبد الله على أبيه ـ أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه ، حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا هشام بن القاسم ، حدثنا ليث ، حدثني أبو قبيل حيّ بن هانئ المعافري عن شفي الأصبحي عن عبد الله بن عمرو ، قال : خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم ، قابضا على كفيه ومعه كتابان ، فقال : «أتدرون ما هذان الكتابان»؟ ، قلنا : لا يا رسول الله.
فقال للّذي في يده اليمنى : هذا كتاب من ربّ العالمين بأسماء أهل الجنّة وأسماء آباءهم وعشائرهم وعدتهم قبل أن يستقروا نطفا في الأصلاب ، وقبل أن يستقروا نطفا في الأرحام إذ هم في الطينة منجدلون ، فليس بزائد فيهم ، ولا ناقص منهم إجمال من الله عليهم إلى يوم القيامة» [١٦٨] ، ثمّ قال للّذي في يساره : «هذا كتاب من ربّ العالمين ، بأسماء أهل النار وأسماء آباءهم وعشائرهم وعدتهم ، قبل أن يستقروا نطفا في الأصلاب وقبل أن يستقروا في الأرحام إذ هم في الطينة منجدلون ، فليس بزائد فيهم ولا ناقص منهم ، إجمال من الله عليهم إلى يوم القيامة». فقال عبد الله بن عمرو : ففيم العمل؟ ، إذ قال : «اعملوا وسددوا وقاربوا ، فإن صاحب الجنّة يختم له بعمل أهل الجنّة وأن عمل أي عمل ، وإنّ صاحب النّار يختم له بعمل أهل النّار وإن عمل ، أي عمل» [١٦٩] (٢).
ثمّ قال : (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) عدل من الله تعالى.
وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ
__________________
(١) سورة مريم : ٩٠ ـ ٩١.
(٢) سنن الترمذي : ٣ / ٣٠٤.