خص به أبا بكر وعم به من اتبعه.
(وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) ينتقمون من ظالميهم من غير أن يعتدوا.
وقال مقاتل : هذا في المجروح ينتصر من الجارح فيقتص منه. قال إبراهيم : في هذه الآية كانوا يكرهون أن يستذلوا فإذا قدروا عفو له.
(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) سمي الجزاء باسم الابتداء وإن لم يكن سيئة لتشابههما في الصورة. قال ابن نجيح : هو أن يجاب قائل الكلمة القبيحة بمثلها ، فإذا قال : أخزاه الله. يقول له : أخزاه الله ، وقال السدّي : إذا شتمك بشتمة فاشتمه بمثلها من غير أن تعتدي.
أخبرنا ابن فنجويه ، حدثنا ابن حنش المقري ، حدثنا أبو القاسم بن الفضل ، حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ، قال سفيان بن عيينة : قلت لسفيان الثوري : ما قوله تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) أن يشتمك رجل فتشتمه؟ ، أو أن يفعل بك فتفعل به؟ فلم أجد عنده شيئا فسألت هشام بن حجير عن هذه الآية ، فقال : الجارح إذا جرح تقتص منه وليس هو أن يسبك فتسبه.
وقال سفيان : وكان ابن شبرمة يقول : أليس بمكّة مثل هشام بن حجير (فَمَنْ عَفا) فلم ينتقم.
قال ابن عباس : فمن ترك القصاص (وَأَصْلَحَ) ، وقال مقاتل : وكان العفو من الأعمال الصالحة فأجره على الله.
قال ابن فنجويه العدل ، حدثنا محمد بن الحسن بن بشر ، أخبرنا أبو العباس محمد بن جعفر بن ملاس الدمشقي ، حدثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن بشر القريشي ، حدثنا زهير بن عباد المدائني ، حدثنا سفيان بن عينية عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إذا كان يوم القيامة ، نادى مناد من كان له على الله أجر ، فليقم ، قال : فيقوم عنق كثير. قال : فقال : ما أجركم على الله ، فيقولون : نحن الّذين عفونا عمّن ظلمنا ، وذلك قوله تعالى : (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) فيقال لهم : ادخلوا الجنّة بإذن الله» [١٨٧] (١).
(إِنَّهُ) إنّ الله (لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ). قال ابن عباس : الّذين يبدءون بالظلم. لقوله تعالى : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ. فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ).
مبتدئين به. (وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ).
فلم يكاف. (إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) وحزمها. (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ) يهديه أو يمنعه من عذاب الله.
__________________
(١) الدر المنثور : ٦ / ١١.