(وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) للحجة من ضعفهنّ وسفههنّ. قال قتادة في هذه الآية : قلما تتكلم امرأة بحجّتها إلّا تكلمت الحجة عليها ، وفي مصحف عبد الله (وهو في الكلام غير مبين).
وقال بعض المفسرين : عني بهذه الآية أوثانهم الّتي كانوا يعبدونها ويجلّونها ويزينونها وهي لا تتكلم ولا تنبس. قال ابن زيد : هذه تماثيلهم الّتي يضربونها من فضة وذهب ، وينشئونها في الحلية يتعبدونها. في محلّ من ثلاثة وجوه : الرفع على الابتداء. والنصب على الإضمار ، مجازه : (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا) يجعلونه ربّا أو بنات الله ، والخفض ردّا على قوله : (مِمَّا يَخْلُقُ) وقوله : بما صرت ...
(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) قرأ أبو عمرو وأهل الكوفة عباد الرحمن بالألف والياء! ، وأختاره أبو عبيد قال : لأن الإسناد فيها أعلى ولأنّ الله تعالى إنما كذبهم في قوله : «بنات الله» فأخبر إنّهم عبيده وليسوا بناته ، وهي قراءة ابن عباس.
أخبرنا محمد بن نعيم ، أخبرنا الحسين بن أيوب ، أخبرنا علي بن عبد العزيز ، أخبرنا القاسم بن سلام ، حدثنا هيثم عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، إنّه قرأها (عِبادُ الرَّحْمنِ).
قال سعيد : فقلت لابن عباس : إنّ في مصحفي عبد الرّحمن. فقال : امسحها واكتبها (عِبادُ الرَّحْمنِ) ، وتصديق هذه القراءة ، قوله (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) (١) ، وقرأ الآخرون عند الرّحمن بالنون واختاره أبو حاتم ، قال : لأن هذا مدح ، وإذا قلت : (عِبادُ الرَّحْمنِ) وتصديقها قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) (٢).
(أَشَهِدُوا) أحضروا (خَلْقَهُمْ) حتّى يعرفوا إنّهم أناث ، وقرأ أهل المدينة أُشْهِدُوا على غير تسمية الفاعل أي أحضروا. (خَلْقَهُمْ) حين خلقوا. (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ) على الملائكة إنّهم بنات الله (وَيُسْئَلُونَ) عنها.
(وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ) يعني الملائكة في قول قتادة ومقاتل والكلبي ، وقال مجاهد : يعني الأوثان ، وإنّما لم يعجل عقوبتنا على عبادتنا إياها لرضا منا بعبادتها. قال الله تعالى : (ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ) فيما يقولون (إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) يكذبون.
(أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ) أي من قبل هذا القرآن. (فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) دين. (وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ) وقراءة العامة (أُمَّةٍ) بضم الألف ، وهي
__________________
(١) سورة الأنبياء : ٢٦.
(٢) سورة الأعراف : ٢٠٦.