قال يهودي بالمدينة يقال له فنحاص : احتاج ربّ محمد.
قال : فلما سمع بذلك عمر بن الخطاب اشتمل على سيفه وخرج في طلبه. فجاء جبريل إلى محمد صلىاللهعليهوسلم ، فقال : إنّ ربّك يقول : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) ، وأعلم إنّ عمر بن الخطاب قد اشتمل على سيفه وخرج في طلب اليهودي». فبعث النبي صلىاللهعليهوسلم في طلبه ، فلما جاءه ، قال : «يا عمر خرج سيفك؟». قال : صدقت يا رسول الله ، أشهد أنّك أرسلت بالحقّ ، قال : «فإنّ ربّك يقول : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) (١)» [٢٢٠].
قال : لا جرم والّذي بعثك بالحقّ لا يرى الغضب في وجهي.
قال القرظي والسدي : نزلت في ناس من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم من أهل مكّة كانوا في أذى شديد من المشركين ، قبل أن يؤمروا بالقتال فشكوا ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنزل الله تعالى هذه الآية ثمّ نسختها آية القتال.
(لِيَجْزِيَ قَوْماً) بفتح الياءين وكسر الزاء ، وقرأ أبو جعفر بضم الياء الأولى وجزم الثانية ، قال أبو عمرو : وهو لحن ظاهر ، وقال الكسائي : وهذه ليجري الجزاء قوما ، وقرأ الباقون بفتح الياءين على وجه الخبر عن الله تعالى ، واختاره أبو عبيده وأبو حاتم لذكر الله تعالى قبل ذلك.
(بِما كانُوا يَكْسِبُونَ * مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها. ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ * وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) الحلالات ، يعني المن والسلوى. (وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ) يعني أحكام التوراة.
(فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ. إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ * ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ) سنة وطريقة. (مِنَ الْأَمْرِ) من الدّين.
(فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) يعني مراد الكافرين الجاهلين ، وذلك حين دعي إلى دين آبائه.
(إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً) إن اتبعت أهواءهم. (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ * هذا) يعني هذا القرآن. (بَصائِرُ) معالم. (لِلنَّاسِ) في الحدود والأحكام يبصرون بها.
(وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا) اكتسبوا. (السَّيِّئاتِ) يعني الكفر والمعاصي.
(أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً) قرأ أهل الكوفة نصبا واختاره أبو عبيدة ، وقال : معناه نجعلهم سواء ، وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء والخبر ، واختاره أبو حاتم ، وقرأ الأعمش وَمَماتَهُمْ بنصب التاء على الظرف ، أي في.
(مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ) بئس ما يقضون ، قال المفسرون : معناه المؤمن في
__________________
(١) أسباب نزول الآيات : ٢٥٤.