على التهديد والوعيد أي طوّفوا في البلاد ، وسيروا في الأرض ، فانظروا (هَلْ مِنْ مَحِيصٍ) من الموت وأمر الله سبحانه.
(إِنَّ فِي ذلِكَ) أي في القرى التي أهلكت والعبر التي ذكرت (لَذِكْرى) التذكرة (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) أي عقل ، فكنّي عن العقل بالقلب لأنّه موضعه ومتبعه. قال قتادة : (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) حيّ ، نظيره (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا) ، وقال الشبلي : قلب حاضر مع الله لا يغفل عنه طرفة عين ، وقال يحيى بن معاذ : القلب قلبان : قلب قد احتشى بأشغال الدنيا حتى إذا حضر أمر من أمور الآخرة لم يدر ما يصنع من شغل قلبه بالدنيا. وقلب قد احتشى بأهوال الآخرة ، حتّى إذا حضر أمر من أمور الدنيا لم يدر ما يصنع لذهاب قلبه في الآخرة. وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول : سألت أبا الحسن علي بن عبد الرّحمن العباد عن هذه الآية ، فقال : معناها (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) مستقرّ لا يتقلّب عن الله في السراء والضراء.
(أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) أي استمع القرآن ، يقول العرب : ألق إليّ سمعك أي استمع ، وقال الحسين بن الفضل : يعني وجه سامعه وحولها إلى الذكر كما يقال اتبعي إليه.
(وَهُوَ شَهِيدٌ) أي حاضر القلب ، وقال قتادة : وهو شاهد على ما يقرأ ويسمع في كتاب الله سبحانه من حبّ محمّد صلىاللهعليهوسلم وذكره. (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ * وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) إعياء وتعب.
نزلت في اليهود حيث قالوا : يا محمد أخبرنا ما خلق الله تعالى من الخلق في هذه الأيّام الستّة؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : «خلق الله تعالى الأرض يوم الأحد والاثنين ، والجبال يوم الثلاثاء والمدائن والأنهار والأقوات يوم الأربعاء ، والسماوات والملائكة يوم الخميس ، إلى ثلاث ساعات من يوم الجمعة وخلق في أوّل الثلاث ساعات الآجال ، وفي الثانية الآفة ، وفي الثالثة آدم».
قال : قالوا : صدقت إن أتممت. فقال : وما ذاك؟ فقالوا : ثمّ استراح يوم السبت واستلقى على العرش فأنزل الله سبحانه هذه الآية [٩٣] (١).
(فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) فإنّ الله سبحانه لهم بالمرصاد ، (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) يعني قل : سبحان الله والحمد لله. عن عطاء الخراساني ، وقال الآخرون : وصلّ بأمر ربّك وتوفيقه ، (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) يعني صلاة الصبح ، (وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) صلاة العصر ، وروي عن ابن عباس ، (وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) : يعني الظهر والعصر ، (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) يعني صلاة العشاءين ، وقال مجاهد : من الليل كلّه ، يعني : صلاة الليل ، في أي وقت صلّى ، (وَأَدْبارَ السُّجُودِ) قال
__________________
(١) كنز العمال : ٦ / ١٢٤ ؛ جامع البيان للطبري ٢٦ / ٢٢٩ بتفاوت يسير.