اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ ما هذا) الذي تعدانني وتدعوانني إليه. (إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) قال ابن عبّاس وأبو العالية والسدي ومجاهد : نزلت هذه الآية في عبد الله. وقيل : في عبد الرّحمن بن أبي بكر الصدّيق. قال له أبواه : أسلم وألحّا عليه في دعائه إلى الإيمان. فقال : أحيوا لي عبد الله بن جدعان وعامر بن كعب ومشايخ قريش حتّى أسألهم عمّا يقولون.
قال محمّد بن زياد : كتب معاوية إلى مروان حتّى يبايع الناس ليزيد ، فقال عبد الرّحمن بن أبي بكر : لقد جئتم بها هرقلية ، أتبايعون لأبنائكم؟
فقال مروان : هذا الذي يقول الله تعالى فيه : (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي) ... الآية. فسمعت عائشة رضياللهعنها بذلك فغضبت ، وقالت : والله ما هي به ، ولو شئت لسمّيته ولكنّ الله لعن أباك وأنت في صلبه فأنت نضض (١) من لعنة الله.
(أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) وجب عليهم العذاب. قالوا : يعني الّذين أشار عليهم ابن أبي بكر ، وقال أحيوهم إليّ ، هم الّذين حقّ عليهم القول ، وهم الماضون بقوله : (وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي) ، فإمّا ابن أبي بكر فقد أجاب الله تعالى فيه دعاء أبيه بقوله : (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) فأسلم وحسن إسلامه.
وقال الحسن وقتادة : هذه الآية مرسلة عامة ، وهي نعت عبد كافر فاجر عاق لوالديه. (فِي أُمَمٍ) مع أمم. (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ * وَلِكُلٍ) واحد من الفريقين المؤمنين والكافرين.
(دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) منازل ومراتب عند الله يوم القيامة بإعمالهم فيجازيهم عليها ، وقال ابن زيد : في هذه الآية درج أهل النار تذهب سفالا ، ودرج أهل الجنّة تذهب علوّا.
(وَلِيُوَفِّيَهُمْ) أجورهم (بالياء) مكي وبصري وهشام ، والباقون (بالنون).
(أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) فيقال لهم : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها) قرأ أبو جعفر وابن كثير ويعقوب (أذهبتم طيباتكم) بالاستفهام ، واختلف فيه عن أهل الشام ، وغيرهم بالخبر ، وهما صحيحتان فصيحتان لأنّ العرب تستفهم بالتوبيخ وتترك الاستفهام فيه. فتقول : أذهبت ففعلت كذا وكذا؟ ، وذهبت ففعلت وفعلت؟ (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) أخبرنا ابن محمّد بن الحسين بن منجويه ، حدّثنا عبد الله بن إبراهيم بن علي بن عبد الله ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم الكرابيسي ، حدّثنا حميد بن الربيع ، حدّثنا أبو معمر ،
__________________
(١) كذا في المخطوط.