(فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ) مقهور (فَانْتَصِرْ) فانتقم لي منهم.
أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن يوسف ، قال : حدّثنا الراوندي ، قال : حدّثنا يوسف ابن موسى ، قال : حدّثنا وكيع عن الأعمش عن مجاهد عن عبد بن عمير ، قال : إن الرجل من قوم نوح ليلقاه فيخنقه حتى يخر مغشيا ، فيفيق حين يفيق وهو يقول : رب اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون.
(فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ) منصبّ مندفق ولم يقلع ولم ينقطع أربعين يوما.
قال ابن عباس والقرظي : منفجر من الأرض. يمان : طبق ما بين السماء والأرض. أبو عبيدة : هايل. الكسائي : سائل. قال امرؤ القيس يصف غيثا :
راح تمريه الصبا ثم انتحى |
|
فيه شؤبوب جنوب منهمر (١) |
وقال سلامة بن جندل يصف فرسا :
والماء منهمر والشدّ منحدر |
|
والقصب مضطمر واللون غربيب (٢) |
(وَفَجَّرْنَا) شققنا (الْأَرْضَ) بالماء (عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ) يعني ماء السماء وماء الأرض ، وانما قال : التقى الماء ، والالتقاء لا يكون من واحد وانما يكون من اثنين فصاعدا ، لأن الماء جمعا وواحدا.
وقرأ عاصم الجحدري (فالتقى الماءان) ، وقرأ الحسن (فالتقى الماوان) بجعل إحدى الألفين واوا. (عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) قضي عليهم في أم الكتاب.
قال محمد بن كعب القرظي : كانت الأقوات قبل الأجساد ، وكان القدر قبل البلاء ، وتلا هذه الآية.
(وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ) ذكر النعت وترك الاسم ، مجازه : على سفينة ذات ألواح من الخشب (وَدُسُرٍ) مسامير ، واحدها دسار ، يقال منه : دسرت السفينة إذا شددتها بالمسامير ، وهذا قول القرظي وقتادة ، وابن زيد ورواية الوالبي عن ابن عباس وشهر بن حوشب : هي صدر السفينة سمّيت بذلك لأنها تدسر الماء بجؤجئها ، اي تدفع ، وهي رواية العوفي عن ابن عباس ، قال : الدسر : كلكل السفينة ، وأصل الدسر الجر والدفع ، ومنه الحديث في العنبر «إنما هو شيء دسّره البحر» ، أي دفعه ورمى به ، وقال مجاهد : هي عوارض السفينة. الضحّاك : ألواح جانبها ، والدسر أصلها وطرفها. ليث بن أبي نجيح عن مجاهد : أضلاعها.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٧ / ١٣٢.
(٢) الصحاح : ١ / ٢٠٢.