فيها من النقمة إلى عاد فخرجت عليهم من واد لهم يقال له : المغيث. وكانوا قد حبس عنهم المطر أيّاما ، فلمّا رأوها.
[(قالُوا : هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) حتى عرفت أنها ريح امرأة منهم يقال لها مهدر فصاحت وصعقت ، فلمّا أفاقت قيل لها : ما رأيت؟ قالت : ريحا فيها كشهب النار] (١).
(مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ) استبشروا بها.
(قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) يقول الله تعالى : (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ) فجعلت تحمل الفسطاط ، وتحمل الظعينة ، فترفعها حتّى ترى كأنّها جرادة.
أخبرنا ابن منجويه ، حدّثنا عبيد الله بن محمّد بن شنبه ، حدّثنا عبيد الله بن أحمد بن منصور الكسائي ، حدّثنا الحارث بن عبد الله ، حدّثنا هشيم ، عن جويبر ، حدّثنا أبو داود الأعمى ، عن ابن عبّاس في قول الله تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ) الآية ، قال : لمّا دنا العارض قاموا فمدّوا أيديهم ، فأوّل ما عرفوا أنّها عذاب رأوا ما كان خارجا من ديارهم ، من رحالهم ، ومواشيهم تطير بهم الريح بين السماء والأرض ، مثل الرشا ، قالوا : فدخلوا بيوتهم ، وأغلقوا أبوابهم ، فجاءت الريح فغلّقت أبوابهم وصرعتهم ، وأمر الله تعالى الريح فأهالت عليهم الرمال فكانوا تحت الرمل (سَبْعَ لَيالٍ ، وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) لهم أنين ، ثمّ أمر الله الريح فكشفت عنهم الرمال ثمّ أمرها فاحتملتهم ، فرمت بهم في البحر.
فهم الذين يقول الله تعالى : (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها) مرّت به من رجال عاد وأموالها بأذن ربّها.
أخبرنا ابن منجويه ، حدّثنا عمر بن الخطّاب ، حدّثنا عبد الله بن الفضل ، حدّثنا أبو هشام ، حدّثنا حفص ، عن ابن جريح ، عن عطاء ، عن عائشة رضياللهعنها قالت : كان النبيّ صلىاللهعليهوسلم إذا رأى الريح فزع ، وقال : «اللهم إنّي أسألك خيرها وخير ما فيها ، وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرّها وشر ما فيها ، وشرّ ما أرسلت به» [٨] (٢).
فإذا رأى مخيلة قام ، وقعد ، وجاء ، وذهب ، وتغيّر لونه ، فنقول : يا رسول الله ، فيقول : «إنّي أخاف أن يكون مثل قوم عاد ، حيث (قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا)» [٩] (٣).
(فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ) قرأ الحسن (لا تُرى) بتاء مضمومة (إِلَّا مَساكِنُهُمْ) برفع (النون). ومثله روى شعيب بن أيّوب ، عن يحيى بن آدم ، عن أبي بكر بن عيّاش ، عن عاصم.
قال أبو حاتم : هذا لا يستقيم في اللغة إلّا إن أوّل فيه إضمار كما تقول في الكلام : لا ترى
__________________
(١) تفسير الثعالبي : ٣ / ٤٦ مورد الآية ؛ وتفسير ابن كثير : ٢ / ٢٣٥ ؛ وتفسير الطبري : ٨ / ٢٨٥.
(٢) صحيح مسلم : ٣ / ٢٦ ؛ السنن الكبرى ٣ / ٣٦٠.
(٣) المصدر السابق.