(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ) قراءة العامة على غير تسمية الفاعل ، وقرأ يعقوب بالنون والنصب وكسر الزاي ، وفتح العين على التعظيم (وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) أي الأدبار ، فوحّد والمراد الجمع لأجل رؤوس الآي ، كما يقال : ضربنا منهم الرؤوس ، وضربنا منهم الرأس ، إذا كان الواحد يؤدي عن معنى جميعه ، فصدق الله سبحانه وتعالى وعده وهزمهم يوم بدر.
قال مقاتل : ضرب أبو جهل فرسه فتقدم يوم بدر في الصف وقال : نحن منتصر اليوم من محمد وأصحابه.
قال سعيد بن المسيب : سمعت عمر بن الخطاب لمّا نزلت (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) : كنت لا أدري أي جمع نهزم ، فلمّا كان يوم بدر رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم ثبت في درعه ويقول :(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ).
(بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ) جميعا (وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) أعظم بليّة وأشدّ مرارة من عذاب يوم بدر.
أخبرني الحسين بن محمد قال : حدّثنا عبد الله بن يوسف قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم بن زياد ، قال حدّثنا أبو مصعب قال : حدّثنا مجرد بن هارون عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «بادروا بالأعمال ـ سبعا ـ ما ينتظرون هل هو إلّا فقر منسي أو غنى مطغ (١) أو مرض مفسد أو كبر معند أو موت مجهز ، والدجال شر مستطر ، والساعة (وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ)» [١٥٦].
(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ) المشركين (فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) قال الضحاك : يعني نارا ستعرض عليهم.
قال الحسين بن الفضل : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ) في الدنيا ونار في الآخرة ، وقال ابن كيسان : بعد من الحق ، وقيل : جنون ، وقال قتادة في عناء وعذاب ، ثم بيّن عذابهم ، فقال : (يَوْمَ يُسْحَبُونَ) يجرّون (فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ) ويقال لهم : (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) وإنّما هو كقولك : ذق المر السياط.
(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ) بالنصب قراءة العامة ، وقرأ أبو السماك العدوي (٢) بالرفع (خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) قال الحسن : قدر الله لكل شيء من خلقه قدره الذي ينبغي له ، وقال الربيع : هو كقوله : (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) أي أجلا لا يتقدم ولا يتأخر ، وقال ابن عباس : إنّا كل شيء جعلنا له شكلا يوافقه ويصلح له ، فالمرأة للرجل ، والأتان للحمار ، والرمكة للفرس ، وثياب الرجال للرجال لا تصلح للنساء ، وثياب النساء لا تصلح للرجال وكذلك ما شاكلها على هذا.
__________________
(١) الصحاح : ٣ / ١٢٩٣.
(٢) سنن الترمذي : ٣ / ٣٧٨ بتفاوت.