أول من سمى الجمعة الجمعة وكان يقال للجمعة : العروبة ، وقيل : أوّل من سماها جمعة الأنصار.
أخبرني الحسين قال : حدّثنا ابن حمدان قال : حدّثنا إبراهيم بن سهلويه قال : حدّثنا سلمة ابن شيب قال : حدّثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال : جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبي صلىاللهعليهوسلم المدينة وقبل أن ينزل الجمعة وهم الذين سمّوها الجمعة ، قالت الأنصار : لليهود يوم يجمعون فيه كل سبعة أيام وللنصارى يوم أيضا مثل ذلك ، فهلموا فلنجعل يوما يجمع فيه فيذكر الله عزوجل ونصلّي ونشكره ـ أو كما قالوا ـ.
فقالوا : يوم السبت لليهود ويوم الأحد للنصارى فاجعلوه يوم العروبة ، وكانوا يسمّون يوم الجمعة يوم العروبة واجتمعوا الى أسعد بن زرارة فصلّى بهم يومئذ ركعتين وذكرهم فسمّوه يوم الجمعة حين اجتمعوا إليه فذبح لهم أسعد بن زرارة شاة فتغدوا وتعشوا من شاة واحده وذلك لقلتهم ، فأنزل الله سبحانه في ذلك بعد (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) الآية ، فهذه أول جمعة جمعت في الإسلام.
فأما أول جمعة جمعها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأصحابه فقال أهل السير والتواريخ : قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم مهاجرا حتى نزل قباء على بني عمرو بن عوف وذلك يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول حين أشتد الضحى فأقام صلىاللهعليهوسلم بقباء يوم الإثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس وأسس مسجدهم ثم خرج بين أظهرهم يوم الجمعة عامدا المدينة فأدركته صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف في بطن واد لهم قد اتخذ اليوم في ذلك الموضع مسجد وكانت هذه الجمعة أول جمعة.
وقال : الحسن هي مستحبة وليست بفرض ، وقال سعيد : جمعها رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الإسلام فخطب في هذه الجمعة وهي أوّل خطبة خطبها بالمدينة فيما قيل ، وقال صلىاللهعليهوسلم : «الحمد لله أحمده وأستعينه واستغفره وأستهديه وأؤمن به ولا أكفره وأعادي من يكفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى والنور والموعظة (عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) وقلّة من العلم وضلالة من الناس وانقطاع من الزمان ودنو من الساعة ، وقرب من الأجل ، (مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ) فقد رشد ومن يعصيهما فقد غوى وفرط و (ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً) ، وأوصيكم بتقوى الله فأنه خير ما أوصى به المسلم المسلم أن يحضه على الآخرة وان يأمره بتقوى الله فاحذروا ما حذركم الله من نفسه وأن تقوى الله لمن عمل به على وجل ومخافة من ربّه عون وصدق على ما تبغون من أمر الآخرة ، ومن يصلح الذي بينه وبين الله من أمره في السرّ والعلانية لا ينوي بذلك إلّا وجه الله يكن له ذكرا في عاجل أمره ، وذخرا فيما بعد الموت حين يفتقر المرء الى ما قدم ، وما كان (مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً ، وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ