قالت : أجد ريح المغافير ، أكلتها يا رسول الله؟ قال : «لا ؛ بل سقتني حفصة عسلا».
قالت : حرست إذا نحلها العرفط ، فقال لها صلىاللهعليهوسلم : «والله لا أطعمه أبدا» فحرّمه على نفسه [٣٣٦] (١).
وقال عطاء بن أبي مسلم : إنّ التي كانت تسقي رسول الله صلىاللهعليهوسلم أم سلمة.
أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا محمد بن الحسن ، حدّثنا علي بن الحسن ، حدّثنا علي ابن عبد الله ، حدّثنا حجّاج بن محمد الأعور عن ابن جريج قال : زعم عطاء أنّه سمع عبيد بن عمير قال : سمعت عائشة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم ورضي عنها تخبر أنّ رسول الله كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا ، قالت : فتواطأت أنا وحفصة أيّتنا دخل عليها النبي صلىاللهعليهوسلم فلنقل : إني أجد منك ريح مغافير ، فدخل على إحداهما ، فقالت له ذلك ، فقال : «لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ، ولن أعود له». فنزلت (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ) ... الآيات [٣٣٧] (٢).
قالوا : وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قسّم الأيام بين نسائه فلمّا كان يوم حفصة قالت : يا رسول الله ، إنّ لي إلى أبي حاجة نفقة لي عنده ، فأذن لي أن أزوره وآتي ، فأذن لها ، فلمّا خرجت أرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى جاريته مارية القبطية أم إبراهيم ـ وكان قد أهداها المقوقس ـ فأدخلها بيت حفصة فوقع عليها ، فأتت حفصة فوجدت الباب مغلقا فحبست عند الباب ، فخرج رسول الله عليهالسلام ووجهه يقطر عرقا وحفصة تبكي ، فقال : ما يبكيك؟ قالت : إنّما أذنت لي من أجل هذا ، أدخلت أمتك بيتي ، ثم وقعت عليها في يومي وعلى فراشي ، أما رأيت لي حرمة وحقا؟ ما كنت تصنع هذا بامرأة منهنّ؟ فقال رسول الله عليهالسلام : «أليس هي جاريتي قد أحلّها الله لي؟ اسكتي فهي حرام عليّ ألتمس بذلك رضاك ، فلا تخبري بهذا امرأة منهن هو عندك أمانة» [٣٣٨] (٣).
فلمّا خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة فقالت : ألا أبشرك أنّ رسول الله قد حرّم عليه أمته مارية ، فقد أراحنا الله منها ، فأخبرت عائشة بما رأت وكانتا متصافيتين ، متظاهرتين على سائر أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ، فغضبت عائشة فلم تزل بنبي الله صلىاللهعليهوسلم حتى حلف أن لا يقربها ؛ فأنزل الله (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) يعني العسل ومارية.
وقال عكرمة : نزلت في المرأة التي (وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِ) عليه والسلام ، ويقال لها أم شريك ؛ فأبى النبي عليهالسلام أن يصلها لأجل امرأته (تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٨ / ١٧٨ ، تفسير مجمع البيان : ١٠ / ٥٥.
(٢) تفسير القرطبي : ١٨ / ١٧٧.
(٣) مجمع الزوائد : ٥ / ٩.