الأشعث عن فضيل بن عياض (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) قال : أخلصه وأصوبة ، قلت : ما أخلصه وأصوبه؟ قال : إنّ العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتّى يكون خالصا صوابا ، والخالص : إذا كان لله ، والصّواب : إذا كان على السنّة.
وقال الحسن : يعني أيّكم أزهد في الدنيا زهدا ، وأترك لها تركا.
وقال سهل : أيّكم أحسن توكّلا على الله.
قال الفرّاء : لم يرفع البلوى على أي ؛ لأنّ فيما بين أي والبلوى إضمارا وهو كما يقول في الكلام : بلوتكم لأنظر أيّكم أطوع ، ومثله (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ) (١) أي سلهم وانظر أيّهم.
فأيّ رفع على الابتداء وأحسن خبره.
(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) طبقا على طبق ، بعضها فوق بعض ، يقال : أطبقت الشيء إذا وضعت بعضه فوق بعض.
قال أبان بن تغلب : سمعت بعض الأعراب يذمّ رجلا فقال : شرّه طباق ، وخيره غير باق.
قال سيبويه : ونصب (طِباقاً) لأنّه مفعول ثان.
(ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) قرأ يحيى بن ثابت والأعمش وحمزة والكسائي : من تفوّت بغير ألف ، وهي اختيار أبي عبيد وقراءة عبد الله وأصحابه.
أخبرنا عبد الله بن حامد الورّاق ، أخبرنا مكي بن عبدان ، حدّثنا عبد الله بن هاشم ، حدّثنا يحيى بن سعيد القّطان عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أنّه كان يقرأ : من تفوّت.
قال الأعمش : فذكرت لأبي رزين فقال : لقد سمعتها من عبد الله فيما قبلتها وأخذتها ، وقرأ (تَفاوُتٍ) ، وهي قراءة الباقين واختيار أبي حاتم وهما لغتان مثل التّعهد والتّعاهد ، والتحمّل والتحامل ، والتطهر والتطاهر. ومعناه : ما ترى في خلق الرحمن من اعوجاج واختلاف وتناقض وتباين ، بل هي مستوية مستقيمة ، وأصله من الفوت ، وهي أن يفوت بعضها بعضا لقلّة استوائها ، يدلّ عليه قول ابن عبّاس : من تفرق (٢).
(فَارْجِعِ) فردّ (الْبَصَرَ) قال الفراء : إنّما قال فارجع وليس قبله فعل مذكور فيكون الرجوع على ذلك الفعل ؛ لأنّ مجاز الكلام : أنظر ثمّ ارجع البصر.
__________________
(١) سورة القلم : ٤٠.
(٢) راجع زاد المسير لابن الجوزي : ٨ / ٥٨.