متى الشىء هو كون الشىء فى زمانه. وقد يكون الزمان موجودا ، ولا يكون ذو الزمان فيه ولا يكون متى. وكذلك الأين.
إذا قيل هذا أشد سوادا من ذلك فليس يعنى السواد المطلق فإنهما فى حد السواد واحد ، لأنه يحمل على كليهما بالسواء بل معناه أن هذا فى سواده المخصص أشد من ذلك فى سوداه المخصص ، وإنما يكون ذاك بالإضافة إلى البياض بأن يكون هذا أقرب إلى البياض من ذاك.
معنى اشتداد السواد هو أن يشتد الموضوع فى سواديته لا أن يشتد سواد فى سواديته على أنه بقى منه أصل وانضاف إليه فرع ، بل يكون الأول قد بطل وحدث نوع آخر وعلى هذا يجب أن يكون كل سواد موجود عنه الاسوداد غير الأول بالنوع وهو فى حد ذاته لا يقبل الاشتداد والتنقص ، بل إنما يعرضان للسواد المعين بحسب قربه من الغاية وبعده. وكذلك الحال فى المزاج فإن النوع الأول من المزاج يبطل ويحدث نوع آخر من المزاج مخالف للأول ومعنى قولنا اشتد الشىء فى سواديته أنه تغير الشىء فى حقيقته السوادية لا فى عارض من عوارض السوادية. وإذا كان كذلك يكون تغير فى الفصل ، وإذا تغير فى الفصل يكون قد تغير فى النوع.
من الإضافة ما لا تنفك عن إضافتها إلى المضاف إليه كهيئة العلم فإنه لا ينفك عن إضافته إلى العالم والمعلوم ، ومنه ما لا يلزم فيه ذلك دائما كالإضافة التي هى أبوه أو بنوه فإن الأب من حيث هو إنسان قد ينفك عن إضافته إلى الابن.
المخالفان هما معا فى الوجود من حيث الإضافة ، كما أن المتشابهين هما معا فى الوجود ، من حيث الإضافة.
المتضادان يلزمهما التضايف بسبب التنازع ويكون كلّ واحد منهما معقول الماهية بالقياس إلى الآخر بسبب التنازع ، وصحيح أن يقال إنهما حيث هما متضادان متضايفان ، وليس صحيحا أن يقال من حيث هما متضايفان متضادان.
إذا قلنا : «لا خفيف ولا ثقيل» ليس يعنى به أنه متوسط بينهما بل يعنى أنه خارج عن جنس الخفة والثقل ، وهو سلب على الإطلاق كما يقال إن الصوت لا يرى فهو سلب على الإطلاق ، وليس كما يقال لا حار ولا بارد ويعنى به الفاتر.
الإيجاب والسلب يوجدان فى العلوم مخصصين ، والعدم والملكة هما الإيجاب والسلب مخصصين فى الموضوع فإن الإنسان إما أن يكون أعمى أو يكون بصيرا ، ومعناه أن الإنسان إما بصير وإما ليس بصيرا.