قد يكون اللفظ محصلا ومعناه غير محصل ، وقد يكون المعنى محصلا واللفظ غير محصل ، وذلك كما يقال : «ملول» فإنا نعنى به عدم الثبات وهذا كما يكون سلب لفظى وإيجاب معنوى وبالعكس.
الخير والشر ليسا جنسين بالحقيقة فإنهما يختلفان وذواتهما بحسب اعتبارات مختلفة وبحسب إضافات ، فإنه يشبه أن يكون ما يظنه أحد خيرا يظنه أحد لا خيرا ، وكذلك الموافق والمخالف هما من اللوازم التي تلزم الأشياء ، والراحة والألم من الموافق والمخالف والموافق والمخالف لا يدخلان فى تقويم الموضوع لهما ، وهما من مقولات كثيرة. وإذا كان شىء مركبا من مقولتين فلا ينسب إلى أحدهما إذا تساويا فيه بل يجب أن يخترع له معقوله.
كل حادث فقد حدث بعد ما لم يكن : فيجب أن يكون لحدوثه علة هى أيضا حادثة ، ولتلك العلة علة أخرى ، ولتلك أخرى فيتسلسل إلى ما لا نهاية. والكلام فى كل واحد منها كالكلام فيما قبله ولا يقف فيها سؤال «لم» فإما أن تكون كل علة فى آن فتتشافع الآنات؛ وإما أن تجتمع معا فى زمان ، وكلاهما محال أعنى تشافع الآنات واجتماع العلل كلها فى زمان واحد ، فيلزم حينئذ أن تكون هذه العلل إما حركة وإما ذوات حركة ، لأن الحركة بذاتها تبطل ، لا بسبب مبطل فيكون بطلانها علة لحدوث حركة أخرى فلا تكون الأسباب مجتمعة فى زمان ، ولو لا الحركة لما صح وجود حادث لما ذكر من وجود تشافع الآنات أو اجتماع العلم فى زمان واحد ، وقد عرف بطلانها ، فيجب أن تكون العلل الحركة التي تعدم واحدة وتلحق أخرى.
إذا سئل فقيل : لم حصل هذا الشخص؟ فقيل : لأنه كان كذا ، فيقال : ولم كان كذا؟ فقيل : «لأنه كان كذا» ـ فيجب أن تكون هذه الأشياء كلها فى آنات. وتشافع الآنات محال ، فيجب أن يكون هاهنا حركة فائتة ولا حقة.
العلل الحقيقية يجب أن تكون متناهية. فإنها إن لم تكن متناهية وجب وجود أشياء غير متناهية فى زمان واحد. وهذا محال. والعلل المعدّة وهى التي تعد المعلول لقبول الصورة أو الهيئة يجوز أن لا تكون متناهية ، وكذلك العلل المعينة يكون بعضها قبل بعض وتتعلق بالحركة.
عدم علة الحركة هو علة عدم الحركة.
البانى علة لتحريك اللّبن ، ثم إمساكه عن التحريك علة للسكون ، فإن عدم علة الحركة علة عدم الحركة. ثم ثبات اللّبن من مقتضى طبيعة الأرض ، ومستحفظ