تاريخ تأليفه
ولما كان هذا الكتاب ـ كتاب «التعليقات» ـ تعليقات علقها بهمنيار بن المرزبان عن أستاذه ابن سينا ، فلا بد أن يكون تعليقه إياها فى الفترة التي كان فيها بهمنيار يلازم ابن سينا. (١) و قد كان ذلك فيما بين سنة ٤٠٤ ه وسنة ٤١٢ ه ، لما أن كان ابن سينا وزيرا لأبى طاهر شمس الدولة بن فخر الدولة بن بويه الديلمى فى همذان. وكان شمس الدولة قد قرب ابن سينا إليه بعد أن عالجه من قولنج «كان قد أصابه ، وعالجه (ابن سينا) حتى شفاه اللّه تعالى. وفاز من ذلك المجلس (أى مجلس شمس الدولة فى همذان) بخلع كثيرة ... وصار من ندماء الأمير. ثم اتفق نهوض الأمير إلى قرميسين لحرب عناز. وخرج الشيخ (ـ ابن سينا) فى خدمته. ثم توجه نحو همذان منهزما راجعا. ثم سألوه تقلد الوزارة. فتقلدها. ثم اتفق تشويش العسكر عليه ، وإشفاقهم منه على أنفسهم ، فكبسوا داره وأخذوه إلى الحبس ، وأغاروا على أسبابه (ـ أمواله) وأخذوا جميع ما كان يملكه. وسألوا الأمير (شمس الدولة) قتله. فامتنع منه ، وعدل إلى نفيه عن الدولة طلبا لمرضاتهم. فتوارى (ابن سينا) فى دار الشيخ أبى سعد (أو أبى سعيد) بن دخدوك أربعين يوما. فعاود الأمير شمس الدولة علة القولنج. وطلب الشيخ (ـ ابن سينا) فحضر مجلسه ، واعتذر الأمير إليه بكل الاعتذار. فاشتغل بمعالجته ، وأقام عنده مكرما مبجلا. وأعيدت الوزارة إليه ثانيا». وفى أثناء توليه الوزارة لشمس الدولة بن فخر الدولة كان «يجتمع كل ليلة فى داره طلبة العلم ... وكان التدريس بالليل لعدم الفراغ بالنهار خدمة للأمير» (٢).
ولا بد أن هذه «التعليقات» التي علقها بهمنيار عن أستاذه ابن سينا كانت فى أثناء مجلس العلم هذا الذي كان يعقده ابن سينا فى داره لطلبة العلم أثناء الليل.
ويحسن بنا أن نورد ترجمة لبهمنيار الذي علق هذا الكتاب عن أستاذه ابن سينا.
________________
١) القفطي : «إخبار العلماء بأخبار الحكماء» ص ٤١٩. نشرة لپرت ، ليپتسك ، سنة ١٩٠٣.
٢) النفطى : الكتاب نفسه ، ص ٤٢٠.