يقول لأحد ولاته :
«انظر في أمور عمالك فاستعملهم اختبارا ، ولا تولهم محاباة وأثرة فإنهم جماع من شعب الجور والخيانة ، وتوخ منهم أهل التجربة والحياء من أهل البيوتات الصالحة والقدم في الإسلام ، فإنهم أكثر أخلاقا وأصح أعراضا ، وأقل في المطامع إسرافا ، وأبلغ في عواقب الأمور نظرا ، ثم اسبغ عليهم الأرزاق ، فإن ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم ، وغنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم ، وحجة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك ، ثم تفقد أعمالهم ، وابعث العيون من أهل الصدق عليهم ، فإن تعاهدك في السر لأمورهم حدوه لهم على استعمال الأمانة والرفق بالرعية».
وقد أوصى بعدم كشف معايب الناس بل القيام بإصلاحها وسترها حيث بلغ بوصيته قوله :
«وليكن أبعد رعيتك منك وأشقاهم عندك أطلبهم لمعايب الناس ، فإن في الناس عيوبا ، الوالي أحق من سترها فلا تكشفن عما غاب عنك منها فإنما عليك تطهير ما ظهر منها». ترى كيف يحرص على أدق المعاني التي جاء بها الإسلام ، ويربي ولاته وعماله عليها ويقيم لهم أدق النصائح والآراء الحكيمة ، ويقودهم إلى النهج القويم من الابتعاد عن مواضع الضعف والخيانة ، ومصادر الشرور والفجور ، فيقول :
«ولا تدخلن في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل ، ويعدك الفقر. ولا جبانا يضعفك عن الأمور ، ولا حريصا يزن لك الشره بالجور ، فإن البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله».
ونراه يوصى بالابتعاد عن الأشرار والآثمين والظلمة وعدم الاستعانة بهم