أعقابكم ، ومن ينقلب على عقبيه خلى يضر الله شيئا ...) (١) ، وخط لهم الخطط ووضع لهم الأسس وأرشدهم بقوله «اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا».
وقال لعلي عليهالسلام وصيه وخليفته وهو يعلم ما يقول إنه سيلقى منهم اضطهادا ، لذا أوصاه بالصبر والتجلد ومداراتهم ، وقد رتب ما يلزم للفتح وتعميم الدين.
فما إن أغمض صلىاللهعليهوآلهوسلم عينيه حتى نقضوا بيعته عليهالسلام ، واختلفوا واغتصبوا منصبه الذي نصبه الله فيه ، وغيروا وصية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الثقلين ، فأزاحوا عليا عن مقامه ، وأحكموا الأمر لأعدائه وخصومه مكان عترة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تلك العترة التي لا تسير دفة الأمور إلا على عواتقهم ، فهم المفسرون لمجمل كتاب الله وهم الحاملون لعلم نبيهم كما قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي عليهالسلام : «إنك لتقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل».
نعم ، قاتل رسول الله على تنزيل القرآن وبقي تأويل القرآن بعده لباب علمه وهادي أمته علي وعترته عليهمالسلام ، وهم الثقل الثاني بعد كتاب الله ، فماذا كانت النتيجة؟
نعم! ... (٢) أجروا بعض أوامر الله ونقضوا الأخرى التي تخالف رغباتهم وتعكس أعمالهم وتفضح منكراتهم ، فسار الدولاب الذي وضعه رسول الله لأمد ثم وقف ، إذ لم يكن بيد أهله ، فصار الضعف بعد القوة ، والتفرقة بعد الاتفاق ، والخذلان بعد الثقة.
ثم لم تمض مدة حتى نرى أورپا المسيحية التي تأثرت بالحضارة الإسلامية
__________________
(١) آل عمران ، ١٤٤.
(٢) راجع الكتاب الأول والثاني في موسوعتنا هذه.