يمكن أن يتصوره العقل ويخدم الجماعة بما يلزمها ، وقد راعى حقوق البشر لأقصى ما يمكن أن يتوخاه المفكرون من ذوي الألباب والرؤى الصائبة والآراء المتفوقة. فهو في عمره القصير وضع أسسا اجتماعية واقتصادية وأخلاقية في غاية المتانة ، كما حدد القوانين الحقوقية والجزائية وأصول المعاملات والأحوال الشخصية. ولولا ما شابه من أفعال الانتهازيين المغرضين لأزال كل ما يورث التفرقة والشقاق والنفاق واسس الضعف المادي والمعنوي ، من خلال إيضائه بالبر والإحسان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولولا من خالف تلك الشريعة السمحاء وشوهها ، وغير حدود الله في اوامره ونواهيه وسنن الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم لرأينا السلام والعدالة والمحبة تسود البشرية ، ولكنهم طمسوا مبدأ العدالة والرفق والمحبة ، وأحلوا الظلم والجور والإجحاف ، وبدلوا وغيروا.
وطالما تغلب العقل البشري السليم وحكم بالصواب ، صارخا بالناس مبشرا ومنذرا على لسان الحكماء والفلاسفة والأنبياء والرسل وقادة البشر ، ذوي المنطق الصائب والإرادة المحكمة ، متأثرين بما شاهدوه من الانحطاط العقلي والانجراف الى الرذيلة ، والظلم والاستهتار وتدهور الفكر الإنساني إلى وهدات الجهل والتعاسة ، فخطبوا الجماهير ، وأوضحوا لهم سبل الحياة وجاهدوا وضحوا في سبيل العدالة وإرجاع الفرد إلى وعيه وصوابه ، فخلفوا تراثا من النظم المقدسة وسموا بالعقل البشرى ما خلد ذكراهم ، كسقراط وإفلاطون والفارابي وابن سينا ، وبوذا وكونفوشيوس ، وحكماء من الأغريق والإسلام والهند والصين ، ومن الأنبياء كإبراهيم عليهالسلام وموسى عليهالسلام وعيسى عليهالسلام وأخص منهم محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فحدد سقراط الفضيلة ، والدولة المثلى ، ووضع تلميذه إفلاطون جمهوريته ، وكان الذي حثهم هو انحطاط الدولة وتغلب الرعاع باسم الديمقراطية ، تسيرها شهواتهم ، صدعوا بهذه الأفكار لإيجاد دولة مثلى يسعد فيها هذا البشر المتسافل الى