الله ان يتقلد زمام امور المسلمين؟ بل وأعظم من ذلك ما اعترض عليه أسامة نفسه (١) يوم سمع أن أبا بكر نصبه عمر وأبو عبيدة خليفة ، بقوله «إنكم تحت إمرتي بأمر رسول الله ، فمن خول لكم الانفصال وأن تأتوا بمن هو تحت إمرتي بأمر رسول الله وتنصبون أميرا علي؟ أم من خول له ذلك؟».
لنترك ذلك ونعود لنرى كيف انتخب أبو بكر وقد كان خارج المدينة ، ثم وقد دخل المدينة وذهب مع بني هاشم والصحابة المشغولين بتغسيل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتجهيزه مع علي عليهالسلام ، فأين هو والحضور في السقيفة؟ وإذا اجبنا على ذلك بأن عمر الذي كان يعلم بموت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويعلم بغياب أبي بكر ، وكان يتحدى كل من يقول مات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويهدده بالقتل ويقول بأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يمت ، وأنه كموسى حينما ذهب إلى ربه وأنه سيعود ، هو الذي جاء إلى دار رسول الله ولغت نظر أبي بكر وحده دون غيره إلى أن الأنصار اجتمعوا لانتخاب أمير منهم ، وفي الطريق يستصحبون معهم أبا عبيدة الجراح وسالم مولى أبي حذيفة ، أكان ذلك عفوا ، أم أمرا مدبرا؟
لقد ظهر من النتائج التي أعقبت ذلك في زمن أبي بكر وعمر أن الأمر كان مدبرا بين الأربعة تدبيرا أكيدا وبعيدا ، يوم قال عمر وهو يريد أن يحيك أمر الشورى : لو كان أحد الاثنين حاضرا لما أودعها للشورى ، يريد بذلك أبا عبيدة أو سالما مولى أبي حذيفة ، أولئك الذين اتفقوا على اغتصاب الخلافة ودبروا المكيدة وجاءوا بام الفتن وقلبوها ملوكية. هكذا توزع المكيدة والتدبير من قبلها وبعدها المناصب العالية لأبي عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة ، كما ظهر من التدابير المشتركة من أبي بكر وعمر وأتباعهم ، ومن النساء كأم المؤمنين عائشة وأم المؤمنين حفصة ومن عاضدهن ...
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٢ / ٤٥٦.