عباده في تقواهم ودرجة إيمانهم وإخلاصهم ، وبعد أن قال تعالى (كل نفس ذائقة الموت) (١) ، قال : (وإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) (٢).
ولتوضيح ذلك يستطيع القارئ الكريم أن يراجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ج ٤ ص ٤٥٤ ـ ٤٦٢) وفيه جواب الزيدي على اعتراض أبي المعالي الجويني عما يخص الصحابة الذي نقله أبو جعفر النقيب ، ليرى كيف أن الصحابة تكفر وتفسق وتلعن وتسب بعضها بعضا ، وما نقله ابن أبي الحديد حول صلح الحديبية وآثاره السيئة على الصحابة الذين فروا أخص منهم عمر ، وكيف أن المنقذ الوحيد لهم من يد المشركين كان على عليهالسلام.
ولكي أثبت أن السقيفة كانت أم الفتن ومنبع ظلم ، تلتها مظالم إلى اليوم ، وأنها لم تكن فيها لاصفة إجماعية ولا بعض إجماعية ، بل قامت على أكتاف أفراد رجال ونساء لا يعدون العشرة فيهم مكر وخداع ، وتلاها قتل وجور وسلب ونهب وسبي وكل ما يتصوره المرء من المظالم ، وتلا الغصب غصب مكرر على مر العصور والأحقاب ، والقسر قسر متكرر بدأ بإجبار علي عليهالسلام وبني هاشم والصحابة المقربين على البيعة ، وغصب نحلة فاطمة الزهراء عليهاالسلام بضعة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الطاهرة فدك ، وما تلا ذلك من اعتراضات علي وفاطمة وبنيهم عليهمالسلام وصحابتهم (رض) ، أقدم نبذة من خطبة الزهراء عليهاالسلام التي خطبتها على أثر غصبهم منصب الخلافة ، وبعدها أعمال القسر والظلم ، وهي تذكرهم بأمجاد أبيها وبعلها ، وأعمالهم وما كانوا عليه قبل الاسلام ، حيث تقول :
«وكنتم على شفا حفرة من النار ، مذقة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطئ الأقدام ، تشربون الطرق ، وتقتاتون الورق ، أذلة خاسئين ، تخافون
__________________
(١) آل عمران : ١٨٥.
(٢) النحل : ٦١.