هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» ، وقال عن علي وعن ذريته عليهالسلام «إن مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق».
وفي غدير خم نصبه علما. وفي خيبر أشاد به وبحبه لله ولرسوله وبحب الله ورسوله له ، كما صح ذلك في حديث الطائر المشوي (١). ولطالما وصى الصحابة أفرادا وجماعات على اتباعه ، فقال : «مبغض علي منافق» ، وفي آخر : فاسق ، وفي حديث ثالث : كافر ، وفيه عليهالسلام قال : «إنه يعسوب الدين وولي المؤمنين وقائد الغر المحجلين» ، و ... ، وفيه وفي ذريته قال : «اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا».
وهكذا ترى أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حياته أقام وأشاد البناء بالقرآن ، وهداهم بعده ، وأوضح السبيل باتباع علي وذريته ، وقد حذرهم الفتنة ، وحذرهم التفرقة والارتداد ، وصرح أن هناك من يرتد بعد موته ، وصرح أنهم يظلمون عليا وأهل بيته عليهمالسلام وحذر من ذلك وأوصى باتباع علي عليهالسلام عند وقوع الاختلاف ، وأيد وأكد ذلك مرارا وكرارا بألفاظ متعددة.
وبعد هذا كله ، فماذا أراد الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذه التوجيهات؟ بهذه الأوامر والنواهي؟ وقد ذكرنا شيئا عن عهد الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والجميع يعلم كيف كان القوم قبل الاسلام ، أذلاء ضعفاء وكيف بلغوا أوج العزة والقوة في عهده ، ويكفينا أن نستعيد خطبة سيدة النساء فاطمة الزهراء عليهماالسلام على المهاجرين والأنصار ، وعلى نساء الصحابة بعد موت أبيها ، إذ ذكرتهم بما كانوا عليه من الخسة والذلة وكيف
__________________
(١) الرضوي : حديث الطير ، وهذه بعض مصادره :
صحيح الترمذي : ٥ / ٦٣٧ ، المستدرك على الصحيحين للحاكم : ٣ / ١٣٠ ، تلخيص المستدرك : ٣ / ١٣٠ ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ١ / ٥٦ ، أسد الغابة لابن الأثير : ٤ / ٣٠ ، ذخائر العقبى ص ٦١ ، الرياض النضرة : ٣ / ١٠٣ ، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : ١ / ١٢٥ ـ ١٢٦ ، فتح القدير للشوكاني ٤ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨ رقم الحديث ٥٥٩٧.