عبد الله القاضي. ويصدق ذلك قول الشاعر :
وأي رزية عدلت حسينا |
|
غداة تبيره (١) كفا سنان |
ولما أدخل أهله على يزيد بن معاوية بالشام ، وهم في حال سيئة ، وكانوا على الأقتاب (٢) ، لم يوطا في طريقهم إليه. قالت له أم كلثوم بنت علي من غير فاطمة : يا يزيد ، بنات رسول الله سبايا أذلة!! فقال : بل كرام أعزة. وبكى ، وأمر بإدخالهم إلى حرمه.
وجعل بين يدي يزيد على بن الحسين الأصغر ، وهو زين العابدين. وكان علي الأكبر قتل مع الحسين مع جملة من قتل من بنيه وبني أخيه الحسن وبني عمه عقيل. فقرا يزيد : «ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير» (٣). فقال : لا تقل ذلك يا يزيد ، ولكن قل : «ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في انفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ، إن ذلك على الله يسير» (٤).
واستشار يزيد أهل الشام في من بقي من ولد الحسين وولد أخيه الصغار. فقال له بعض الأشقياء منهم : لا تتخذ من كلب سوء جروا يا أمير المؤمنين. فقال له النعمان بن بشير : اصنع بهم يا أمير المؤمينين ما كان يصنع بهم رسول الله صلى الله عليه
__________________
(١) تبيره : تهلكه ، من البوار بمعني الهلاك.
(٢) القتب : الرحل ، جمعها الأقتاب.
(٣) الشورى رقم : ٤٢ / الآية : ٣٠
(٤) الحديد : ٥٧ / الآية : ٢٢