وسلم لو رآهم على هذه الحال. فأمر بإنزالهم وإكرامهم. ثم قال : لو كان بيهم وبين من عض بظر إمه نسب ، يعني ابن زياد ما قتلهم ، ثم ضرب عليهم القباب بعدما أدخلوا الحمام ، وأمال عليهم المطبخ ، وتساهم ، واخرج لهم جوائز كثيرة ، وبعث معهم من ردهم إلى المدينة.
وأتي يزيد برأس الحسين عليهالسلام. فلما وضع بين يديه جعل ينكت أسنانه بقضيب كان في يده ويقول : كان أبو عبد الله صبيحا. فقال له النعمان بن بشير : ارفع يدك يا يزيد عن فم طالما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقبله. قال : فاستحيا يزيد ، وأمر برفع الرأس. وما روي (١) بعد قتل الحسين من العبر في يقظة ومنام روي عن رواة صحائح الآثار والأخبار.
الترمذي بسنده ، عن أم سلمة قالت : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ تعني في المنام ـ وعلى رأسه ولحيته التراب. فقالت : ما لك يا رسول الله؟ قال : شهدت قتل الحسين آنفا. وحدث أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا حماد بن سلمة قال : نا عمار بن أبي عمار ، عن ابن عباس قال : رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم ، فيما يرى النائم نصف النهار ، وهو أشعث أغبر ، في يده قارورة فيها دم. فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، ما هذا؟ قال : «هذا دم الحسين ، لم أزل التفطه منذ اليوم» ، فوجد قد قتل في ذلك اليوم. وبكى الناس الحسين ، فأكثروا وأحسنوا. قالت الرباب بنت امرئ القيس
__________________
(١) رسمت في الأصل كذا (رئ) ، ولعلها كما ذكرنا.