وقد غزوا ذو نواس نجران بجنوده ودعاهم الى اليهودية فابوا عليه ، وذكروا في سبب ذلك «ان يهوديا كان بنجران عدا اهلها على ابنين له فقتلوهما ظلما فرفع امره الى ذي نواس وتوسل إليه اليهودية واستنصره على اهل نجران ـ وهم نصارى ـ فحمى له ولدينه وغزاهم» وقتل جماعة بالسيف وجماعة خدد لهم اخدودا من نار والقاهم فيه وبعضهم يرى انه نزل في تلك الواقعة قوله تعالى «قتل اصحاب الاخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحكيم» وللشك في ذلك مجال واسع. وقد استنجد نصارى نجران بالحبشة فانجدوهم وغزوا بلاد العرب وهزموا ذا نواس واستمرت النصرانية في نجران تحميها الحبشة من الجنوب والروم من الشمال.
وكان يتولى كعبة نجران ـ وان شئت فقل نجران وتوابعها ـ ثلاثة : السيد ـ واسمه وهب ـ ويظهر انه كان يدير الامور الخارجية وبتولي امور العلاقات بينهم وبين القبائل من غيرهم وهو ما نسميه اليوم وزير الخارجية وكان ايضا رئيسهم في الحرب وهو ما نسميه وزير الحريبة أو وزير الدفاع. والعاقب ـ واسمه عبد المسيح ـ وكان يتولى الامور الداخلية وهو ما نسميه اليوم وزير الداخلية والاسقف ـ وهو أبو حارثة ـ وكان يتولى الامور الدينية. ولكن المهمات كان يشتور الثلاثة فيها. قال ياقوت :
«ووفد على رسول الله (ص) وفد نجران وفيهم السيد ـ واسمه وهب ـ والعاقب ـ واسمه عبد المسيح ـ والاسقف ـ وهو أبو حاتم ـ واراد رسول الله (ص) مباهلتهم فامتنعوا وصالحوا النبي (ص) فكتب لهم كتابا فلما ولى أبو بكر نفذ ذلك لهم ولي عمر اجلاهم واشتري اموالهم»