لم تكن لبلاد دون اخرى ، أو لقوم دون آخرين والنصر وان كان بيد الله ، يؤتيه من يشاء من عباده ، لكن لا يؤتيه الا لمن اعد له كل عدده.
والدعوة الاسلامية قد بلغت يومئذ من النضوج في النفوس ما يجعل الاسلام دين الكافة من الناس ، والدعوة في ذلك العهد تعدت عن دور التوحيد ، والوعد والوعيد ، الى النواحي الاجتماعية والاخلاقية والسياسية.
وقد آن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ان يهئ المسلمين للانتقال العظيم الى خارج الجزيرة الى الشمال والى الجنوب .. وآن له ان يبعث في نفوسهم روح النشاط لفتح المملكتين فارس والروم. وآن للمسلمين ان يفهموا ان هذا العلم المبارك الذي يرفرف فوق شبه جزيرة العرب يجب ان يخرج الى خارجها ليرف ايضا فوق عروش القياصرة والا كاسرة ، ثم ليطوف حول حوض البحر الابيض ثم ينتهي به المطاف الى ما وراء البحار ..
ولم يكن في الدعوة الاسلامية ما يخشى معه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الدعوة إليه فانه دين الحرية والمساواة ، والبر والرحمة وفك العقل من القيود والاغلال ، تتقبله النفوس مرتاحة إليه .. ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليتردد يوما في دعوة الملوك الى الاسلام ولكنه اراد ان يهئ اصحابه للنهوض فخرج عليهم يوما فقال :
«ايها الناس : ان الله بعثني رحمة وكافة ، فلا تختلفوا علي كما اختلف الحواريون على عيسى بن مريم»
ـ وكيف اختلف الحواريون يا رسول الله»
ـ دعاهم الى الذي دعوتكم إليه ، فاما من بعثه مبعثا قريبا قر وسلم ،