السمر
اجتاز الركب سكك المدينة على خيولهم المطهمة تفوح منه رائحة المسك وعليهم ثياب صونهم من الحرير اللماع ، والحبر الموشى ، على سرج مزركشة بالذهب الوهاج ، قد اعترضوا الرماح على مناسج خيلهم ، وكانوا من اجمل العرب صورا.
وبعد ـ لم يكن عجبا إذا افنتن الضعفاء بالوفد النجراني الذي يتمتع بكل المغريات للنفوس الضعيفة.
وليس عجبا إذا كان هذا الوفد حديث اهل المدينة ، فقد دخلها وفود كثيرة في السنة العاشرة وقبلها يقدمون الطاعة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولكن ليس فيهم مثل وفد نجران في معالمه الفاخرة وزينته اللماعة يقول المحارث ابن كعب : «ما رأينا وفد مثلهم».
كانت صورة الوفد تمر في نفس اصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم جميعا ، ولكنه مرور عابر في نفوس بعضهم ، وهي اهون عليهم من أن تثير شيئا ، فان الرسالة السماوية نهجت لهم الطريق الامثل. على حين استقرارها