في نفوس البعض الاخر مجلوة بترفها المغدق ، ونعيمها الباذخ ، رهيبة اللمعان ، رنانة الجرس ، هفت إليها النفوس الضعيفة واستوعبت مشاعرا وقلوبا ما اضاءها النور المنبثق من رسالة السماء ، والضوء المنير من مصباح محمد صلى الله عليه وآله وسلم ..
كان الترف الناعم ، والنعيم الباذخ ، والعيش اللين الذي يتمتع به وفد نجران حديث جماعة من اهل المدينة في سمرهم ومجالسهم.
واين المحتاج الذي يستطيع ان يرد طرفه عن حياة ناعمة ، ونعيم ترف ودنيا مزهوة؟
وأي المحرومين لا يفكر في هذا النضار الوهاج المدلى في صدورهم؟ وقد صنعوا منه مقايض سيوفهم ووشوا به حبرهم ، وسرج خيولهم ، ثم لا تنكمش نفسه ولا يستهويه الذهب اللماع ولم تكن نفوسهم قد اكتملت بمناهج الدعوة الاسلامية ولم تتصل بارواحهم لينظروا الى زخرف الحياة نظر ازدراء وليجعلوا متعها تحت مواطئ الاقدام ، فان الاسلام هدى الى الصراط القويم ، والهدى رحمة من الله تجلو النفس ، وصفاء يمحو الظلمة ، وسعادة تصوغ النفس من جوهر تتضاءل امامه المادة فلا يبقى لها اي ثمن.
ليلة مظلمة. لا يكاد ملتمس يحس فيها بطريقة لولا قبس ترسله النجوم المتلالئة في صفحة السماء تفتح يدها مرة وتقبضها اخرى .. تقدمت جيوش الظلام تسدل الستائر ـ وقد القى النهار سلاحه ـ على يثرب مدينة الرسول