(ص) ومصدر النور .. هو ذا الليل يوغل ايغالا ويلبس القضاء بردته السوداء فتمتد على الكون روعبة السكون ، وليس فيه ما يعكر صفحة السماء الا هذه الغيوم التي تدفعها الرياح الى الفناء.
ليلة مشهودة ، لم تتصل بما قبلها ولا بما بعدها ، فان اضطرابات فكرية ضربت حصارها على الافكار والعقول فحارت في شأنها ، فان يدا قوية تمرست بعواصم من القوة لم تؤثر فيها قوة الحق.
ليلة مشهودة ، تزخر بالحوادث وتموج بالوان من الافكار والناس لا يعلمون انها تحمل الحادث الخطير ، وان له شأنا بين الحوادث الخالدة الذكر وكل ما يعلمون ان الافكار تتدافع كلما اجتمع اثنان أو اكثر كما تتدافع امواج البحر في الريح العاصفة.
فرغ المسلمون من صلاتهم وما كان ليطيب لاكثرهم العودة الى منازلهم ولكنهم تكتلوا في مسجدهم حيث اقاموا صلاتهم يتحدثون كل وما يعنيه من امر الحياة أو شؤون المسلمين العامة.
ولقد كان الوفد النجراني سفرا ضخما تجمعت فيه كل الاحاديث وفيه نواح كثيرة للحديث فليس عجبا إذا كان حديث جماعات من المسلمين في هذه اللحظة من الزمن الحالك السواد ، فقد كان هذا الاغراق في الترف حريا بان يدفع الناس للحديث عنه ، وكان هذا العنت الشديد منه حريا بان يكون موضعا للعجب وللحديث ، وان النفوس الفاحصة عن الوقائع اميل الى التوغل في الحديث عن نهاية الطاف في الحادث وانه مشهد يعسر نسيانه وفيه مغريات