فان في القرآن تبيان كل شئ يحتاجه المسلمون لمعالم دينهم «لم يغادر صغيرة ولا كبيرة» مما يرجع الى احكام الاسلام واصوله «الا احصاها» القرآن واشار إليها صريحا حينا وتلويحا حينا آخر.
واما الصراع الذي نشاهده احيانا في التفسير فليس مرجعه عجز القرآن أو قصور لغته ، أو عجز النبي صلى الله عليه وآله وسلم والائمة من بعده عن تفسيره ، وانما مرجع ذلك الصراع الى الخلاف الذي انغمس فيه المسلمون منذ الساعة الاولى ، واكبر عناصر هذا الصراع هو الصراع الذي شق المسلمين الى نصفين نصف الى اليمين ونصف الى الشمال والقرآن بينهما.
ولعل المفسرين انحرفوا مع ميولهم متأثرين بالسياسة من ناحية وبالعقيدة من ناحية اخرى واسدلوا على الواقع ستائر كثيفة مستندين الى احاديث احسن ما توصف به انها من وضع السياسة ، ومالوا الى تأويلات تتجافاها اللغة وتأباها الملابسات في البداية والنهاية.
ولعل السياسة في الصدر الاول شاءت ان تزج آية في غير مكانها لغرض صرف الاية عن المعنى الذي سيقت له كما ترى ذلك في آية «انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا»
وليس ادل على تأثير العقيدة والسياسة على تفكير المفسرين من ذلك الصراع الحاد في تفسير قوله تعالى «يا آيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس» فان هذه الاية الكريمة احيطت بميول ونوازع دفعت المفسرين الى التفسير البعيد الذي لا يتصل بالاية ولا بملابساتها ، ولعل تلك الميول ارادت ان تصرف الاية عن معناها الى معنى آخر