الله المجيد.
ولا نريد ان ننكر ان الميول كانت منذ الزمن الاول ، وقد كانت تجد طريقها الى القلوب سهلا ، وان لها اثرا كبيرا في النفوس ولكن لم نكن لنظن انها تمد يدها الى كتب الله المرسلة الى هداية البشر ، ولكن مع الاسف الشديد فقد مدت يدها مأولة ومفسرة تفسيرا بعيدا عن المقصد ، ووجد اولئك الميالون من العقيدة مرتعا خصبا لتأويلاتهم ففسروا كما يشتهون وكما تشتهي السياسة التي وضعت احاديث كثيرة لا تثبت تحت مبضعة المشرحين من اطباء الجرح والتعديل.
لم يكن حظ آية الانفس والابناء عند بعض المفسرين احسن من غيرها على صراحتها ، فقد طواها طياولفها لفا وقد تعوز الفاحص المعاذير عن هذا الطي واللف ولكن لا اراه تعوزه معرفة الدواعي الباعثة ولا اراه يخطئ الدوافع النفسية ، وقل ما تجد مفسرا مر على آية المباهلة ولم تنقبض نفسه ، ولم تتمرد عليه عقيدته ، ولم تطوح به سريرته ووجد في الوسط المسلم اذانا مستعدة للسمع ، وقلوبا ساذجة مستعدة للتصديق.
ويسع المنصف ان يقف من آية المباهلة الموقف الذي تقتضيه دلالة المطابقة ، ولكن بعضهم لم يكن منصفا ولا رشيدا وذهب في التفسير مسرعا الى ان الوفد امتنع عن المباهلة وصالح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الفي حلة وثلاثين درعا كأن الاية سيقت لهذا فقط ، وكأن هذا الصلح هو مدلول الاية المطابقي والالتزامي والعقلي ولم يخرج في تفسيره عن الوهم في