الارض ومنعكم منها وأعلاهم عليكم ، ولم يزل بذلك فيهم حتى قتل بعضهم بعضا.
فالآن نبدأ بذكر بني نوح عليه السلام وأنسابهم وتفرقهم في البلدان ، وما ولد كل واحد منهم من الامم ، فنبدأ بذكر حام ، وبعده بذكر يافث ، وبعده بذكر يحطون ، وبعده بذكر سام ، متصلا بالعرب والانبياء صلوات الله عليهم اجمعين.
حام بن نوح عليه السلام
يقول أهل الاثر إن نوحا عليه السلام دعا عليه بتشويه الوجه وسواده ، وأن يكون ولده عبيدا لولد سام.
فولد له بعد كنعان كوش ، فكان أسود ، فهم أن يقتل امرأته فمنعه سام ، وذكره دعاء أبيه عليه فغضب ، ونزع الشيطان بين الاخوة وحمل بعضهم على بعض ، وكان آخر أمر حام أن هرب إلى مصر ، وتفرق بنوه ، ومضى على وجهه يؤم المغرب حتى انتهى إلى السوس الاقصى ، إلى موضع يعرف اليوم بأصيلا ، وهو آخر مرسى تبلغه مراكب البحر من نحو الاندلس إلى ناحية القبلة ، وليس بعده للمراكب مذهب.
فيقال ان بنيه اغتموا لمكانه ، وندموا على تركه ، فخرجوا على أثره يطلبونه في النواحي التي قصدها ، فيقال ان منهم طوائف وقعت عليه ، فكانوا معه إلى ان مات وقطنوا ذلك البلد وسكنوا به وهم أصناف السودان ، فكل طائفة من ولده بلغت موضعا في طلبه فانقطع خبره عنهم أقاموا بذلك الموضع وتناسلوا فيه ، ولم يصل إليه إلا بنوه فقط.
ولما مات حام خرج بعضهم من ذلك الموضع فأقاموا بمكان البربر ، وكان عمر حام أربعمائة سنة واحدى واربعين سنة.