عليم. قولوا لمعاوية ليشرب وليسق دوابه لا يمنعه مانع ولا يحول بينه وبينه.
وروى ان حريثا مولى معاوية كان شجاعاً بطلا يعده معاوية لكل شديدة ، وقد ابلى في فتح عسقلان وقتل عدة من الشجعان ، وكان يركب فرس معاوية ويلبس لباسه وسلاحه ، فيظن الناس أنه معاوية وكان الشقي يتمنى مبارزة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام وكان معاوية ينهاه عن مبارزته ضناً به (١) فقال في اليوم الثالث من حروب صفين لمعاوية : ان انا قتلت علياً أتقلدني ولاية الطبرية؟ فقال معاوية : لا تبارز عليا ، وعليك بالاشتر ، فان أنت قتلته فقد كفيت واغنيت ، فأما علي فلا تبارزه فان لي نابين : أحدهما أنت والآخر عبد الرحمان بن خالد بن الوليد ، وان فجعت بك لم أجد بدلاً منك ، فجانب عليا فسمع بذلك عمرو بن العاص فخلا بحريث وقال له انت لو كنت قرشياً ما نهاك معاوية عن مبارزة علي ، ولاحب أن تقتل عليا وتريحه منه ولكنه يكره أن يقتل ابن عمه مولاه فان وجدت فرصة فاقحم ، فان حظها لك ، فلما خرج علي عليهالسلام أمام الخيل انبرا له حريث فحمل عليه علي عليهالسلام وهو يقول :
أنا علي وابن عبد المطلـب |
|
نحن وبيت الله أولى بالكتب |
منا النبي المصطفى غير الكذب |
|
أهل اللواء والمقام والحجـب |
نحن نصرناه على جل العرب |
|
يا أيها العبد الغرير المنتدب (٢) |
اثبت لها يا أيها الكلب الكلب (٣)
فقيل : يا أمير المؤمنين تبرز إلى هذا الكلب؟ قال : والله انه لأعظم عناء من معاوية ، فضربه على رأسه فسقط قتيلا على هامته ، فجزع عليه معاوية جزعاً شديداً وقال : يا عمرو ما أنصفته حين أمرته بأمر كرهته لنفسك وانشأ معاوية يقول :
__________________
(١) في المطبوع : صيانة له.
(٢) الغرير : المخدوع.
(٣) وقعة صفين / ٢٧٢.