بسم الله الرّحمن الرّحيم
المقدمة
الحمد لله الذي ألهمنا النطق ، فنطقت الكائنات بوجوده ، وأعطانا الحكمة فدلت المخلوقات على حكمته وسابغ حسناته.
وبعد ، فإنّ كلّ فرد يحس في لحظات من حياته باتساع أفق معرفته اتساعا يرغب في ترجمته ليفيد به أبناء جنسه ، وتتراءى له في تطلعاته وأبحاثه عوالم جديدة لم تكن تخطر له على بال ، وقد يحس مع اتساع أفق معرفته بتوثب الفكر للخلق والإبداع. وكم تمنيت وأنا على مقاعد الدراسة أن يكون بحوزتي معجم في النحو ، المادة التي أحبها ، أرجع إليه من أقرب الطرق ، وأعتمد عليه في استيعاب ما أرتاب في صحته ، وأعود إليه في ما غمض عليّ من أسس اللغة التي أتكلم. وفي أثناء قيامي بتدريس مادة قواعد اللغة العربية في الجامعة اللبنانية. الفرع الثالث. قمت بمعاونة زميليّ الدكتور إميل بديع يعقوب والدكتور خليل الدويهي بوضع كتاب في قواعد العربية يتلاءم مع منهج الدراسة في الجامعة ، ولم يكن عملنا آنذاك إلا محاولة لتبسيط القواعد العربية وجعلها في متناول الطلاب الذين وفدوا إلى الجامعة ولم تشتمل جعبتهم على ذخيرة كاملة منها ، ومضينا نحن الثلاثة نبحث في بطون أمّهات الكتب ، ووجدنا أن النحو في قواعده الأساسية تكوّن على يد بصريّين مشهورين هما : الخليل وسيبويه وكأنهما لم يتركا للأجيال التالية سوى خلافات فرعيّة تتّسع وتضيق حسب المدارس النحوية من جهة ، وعبقرية النحاة وانقيادهم لأساتذتهم أو خلافهم لهم من جهة أخرى ، ولم يكن لنا في الفضل آنذاك سوى فضل تقريب النحو إلى الأذهان ، أذهان طلابنا الذين كانوا بعيدين عن التعمق في الأبحاث النحوية وقواعد الإعراب.
وكثيرا ما كان الطلاب يسألونني وضع كتاب جامع لقواعد اللغة العربية فكنت أتهرب من الجواب وأنصح بالرجوع إلى أمهات الكتب النحوية القديمة ، وإلى المعاجم اللغوية الحديثة إلى أن قيّض الله لي أن اختمرت فكرة إنشاء معجم في النحو ، وأتيح لها الظهور إلى