جَهِلَه فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْه ، ومَنْ أَشَارَ إِلَيْه فَقَدْ حَدَّه ومَنْ حَدَّه فَقَدْ عَدَّه ، ومَنْ قَالَ فِيمَ فَقَدْ ضَمَّنَه ، ومَنْ قَالَ عَلَا مَ فَقَدْ أَخْلَى مِنْه : كَائِنٌ لَا عَنْ حَدَثٍ (٤) مَوْجُودٌ لَا عَنْ عَدَمٍ ، مَعَ كُلِّ شَيْءٍ لَا بِمُقَارَنَةٍ وغَيْرُ كُلِّ شَيْءٍ لَا بِمُزَايَلَةٍ (٥)، فَاعِلٌ لَا بِمَعْنَى الْحَرَكَاتِ والآلَةِ ، بَصِيرٌ إِذْ لَا مَنْظُورَ إِلَيْه مِنْ خَلْقِه ، مُتَوَحِّدٌ إِذْ لَا سَكَنَ يَسْتَأْنِسُ بِه ولَا يَسْتَوْحِشُ لِفَقْدِه.
خلق العالم
أَنْشَأَ الْخَلْقَ إِنْشَاءً وابْتَدَأَه ابْتِدَاءً ، بِلَا رَوِيَّةٍ أَجَالَهَا (٦) ولَا تَجْرِبَةٍ اسْتَفَادَهَا ، ولَا حَرَكَةٍ أَحْدَثَهَا ولَا هَمَامَةِ (٧) نَفْسٍ اضْطَرَبَ فِيهَا ، أَحَالَ الأَشْيَاءَ لأَوْقَاتِهَا ولأَمَ (٨) بَيْنَ مُخْتَلِفَاتِهَا ، وغَرَّزَ (٩) غَرَائِزَهَا وأَلْزَمَهَا أَشْبَاحَهَا ، عَالِماً بِهَا قَبْلَ ابْتِدَائِهَا ، مُحِيطاً بِحُدُودِهَا وانْتِهَائِهَا عَارِفاً بِقَرَائِنِهَا وأَحْنَائِهَا (١٠) : ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَه فَتْقَ الأَجْوَاءِ ، وشَقَّ الأَرْجَاءِ وسَكَائِكَ (١١) الْهَوَاءِ ، فَأَجْرَى فِيهَا مَاءً مُتَلَاطِماً تَيَّارُه (١٢)، مُتَرَاكِماً زَخَّارُه (١٣) حَمَلَه عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ الْعَاصِفَةِ ، والزَّعْزَعِ (١٤) الْقَاصِفَةِ فَأَمَرَهَا بِرَدِّه ، وسَلَّطَهَا عَلَى شَدِّه وقَرَنَهَا إِلَى حَدِّه ، الْهَوَاءُ مِنْ تَحْتِهَا فَتِيقٌ (١٥) والْمَاءُ مِنْ فَوْقِهَا دَفِيقٌ (١٦) ، ثُمَّ أَنْشَأَ سُبْحَانَه رِيحاً اعْتَقَمَ مَهَبَّهَا (١٧)، وأَدَامَ مُرَبَّهَا (١٨) وأَعْصَفَ مَجْرَاهَا ، وأَبْعَدَ مَنْشَأَهَا فَأَمَرَهَا بِتَصْفِيقِ (١٩) الْمَاءِ الزَّخَّارِ ، وإِثَارَةِ مَوْجِ الْبِحَارِ فَمَخَضَتْه (٢٠) مَخْضَ