قائِماً)(١) «قاعدا» معطوف على شبه الجملة «لجنبه» لأنه يصح تأويلها بالمفرد والتقدير : مجنوب. ومثل «لا تعاقب طفلك إلا قليلا أو في ضرورة». حيث عطفت شبه الجملة «في ضرورة» على الاسم المفرد «قليلا».
العطف على الضمير المجرور : أجاز الكوفيون العطف على الضمير المجرور ، مستشهدين بقوله تعالى : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ)(٢) بعطف «المقيمين» على «الكاف» الضمير المجرور في «قبلك» وفي إليك ، وبقوله تعالى : (وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(٣) بعطف «المسجد» على «الهاء» في «به» وبقول الشاعر :
فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا |
|
فاذهب فما بك والأيام من عجب |
بعطف «الأيام» على «الكاف» في «بك».
وخالف البصريّون الكوفيّين في هذا النّوع من العطف محتجّين أن الجار والمجرور بمنزلة الكلمة الواحدة إذا عطفت على الضمير المجرور فكأنك عطفت على الحرف الجارّ ، وعطف الاسم على الحرف لا يجوز. وإذا أريد مثل هذا العطف فإنه يجب أن يعاد مع المعطوف اللفظ الجارّ للمعطوف عليه فتقول : «عجبت منك ومن أفكارك المضحكة».
وأوّل البصريّون كلمة «المقيمين» التي استشهد بها الكوفيّون في الآية السّابقة على أنها مفعول به لفعل محذوف تقديره : «أعني» أو أنها اسم معطوف على «ما» في القول «بما أنزل إليك». كما أوّلوا كلمة «المسجد» على أنها اسم مجرور معطوف على «سبيل الله».
أما في الشعر فقال البصريّون : إن كلمة «الأيام» مجرورة على القسم.
العطف على الضمير المرفوع : عطف الكوفيون الاسم على الضمير المرفوع ، محتجّين بقوله تعالى : (فَاسْتَوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى)(٤) بعطف الضمير «هو» على الضمير المستتر في الفعل «استوى» والتقدير : فاستوى جبريل ومحمد بالأفق ، وبمثل :
قلت إذا أقبلت وزهر تهادى |
|
كنعاج الملا تعسّفن رملا |
حيث عطف «زهر» على الضمير المستتر المرفوع في الفعل «أقبلت». وبمثل :
ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه |
|
ما لم يكن وأب له لينالا |
حيث عطف الاسم الظّاهر المرفوع «أب» على الضمير المستتر في «يكن» وهو اسمها ، دون أن يؤكّد ذلك الضمير بالضمير المنفصل.
ومنع البصريّون هذا العطف بحجّة أن الاسم لا يعطف على الفعل. فإذا عطفت الاسم على الضمير المرفوع الذي يكون إما ظاهرا أو مقدّرا ، فكأنّك عطفت اسما على فعل في قولك : «أكل وزيد» أو اسما على جزء من الفعل في قولك «أكلت وزيد» ، لأن «التاء» الضمير المتصل هي بمنزلة الجزء من الفعل.
وفسّروا العطف في الآية على تقدير «الواو» الحاليّة لا «واو» العطف ، والتقدير : فاستوى
__________________
(١) من الآية ١٢ من سورة يونس.
(٢) من الآية ١٦٢ من سورة النساء.
(٣) من الآية ٢١٧ من سورة البقرة.
(٤) من الآيتين ٦ و ٧ من سورة النجم.