وإنّي رأيت الضّرّ أحسن منظرا |
|
من مرأى صغير به كبر |
وفيه «أحسن» مجرّد من «أل» والإضافة والمفضول «مرأى» مجرور بـ «من» دلالة على إرادة التفضيل. ولا يجرّ المفضول غيرها من حروف الجر ومن ذلك أيضا ، قول الشاعر :
وما ليل بأطول من نهار |
|
يظلّ بلحظ حسّادي مشوبا |
وما موت بأبغض من حياة |
|
أرى لهمو معي فيها نصيبا |
ملاحظات : ويجوز أن تدخل «من» على المفضول ويترتّب على ذلك أحكام عدّة منها :
١ ـ جواز حذفها مع المفضول إذا دلت عليهما قرينة ، كقوله تعالى : (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى) أي : خير من الدنيا وأبقى منها ، وكقوله تعالى : (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) أي : وأعزّ منك نفرا. وقول الشاعر :
ومن يصبر يجد غبّ صبره |
|
ألذّ وأحلى من جنى النّحل في الفم |
أي : ألذّ من جنى النحل .. ويكثر هذا الحذف حين يكون «أفعل» في محل خبر مبتدأ ، مثل : «قول الحقّ أجدى بالمؤمن وهو بالإمام أجدر» أي : أجدر من المؤمن. أو خبرا لـ «كان» وأخواتها ، مثل : «ربّما كانت معالجة المريض أجدى في شفائه» أي : أجدى في شفائه من إهماله. أو خبرا لـ «إنّ» وأخواتها ، كقول الشاعر :
فلو طالعت أحداث الليالي |
|
وجدت الفقر أقربها انتيابا |
وأنّ البرّ خير في حياة |
|
وأبقى بعد صاحبه ثوابا |
أو مفعولا ثالثا لـ «أعلم وأرى» مثل : «أعلمت الصديق كلام الصدق أجدر بالكريم» أو حين يكون حالا ، كقول الشاعر :
دنوت ، وقد خلناك كالبدر ، أجملا |
|
فظلّ فؤادي في هواك مضلّلا |
«أجمل» : حال وصاحبه الضمير المتصل بالفعل «دنوت» والتقدير : دنوت أجمل من البدر وقد خلناك كالبدر.
٢ ـ جواز تقديم «من» والمفضول المجرور بها على العامل وحده ، إذا كان المفضول المجرور بها هو اسم استفهام ، مثل : «سميرة ممن أذكى؟» أو مضافا إلى اسم استفهام ، مثل : «سميرة من بنت من أذكى؟» وفي غير ذلك في الضرورة الشعرية :
وإنّ عناء أن تناظر جاهلا |
|
فيحسب جهلا أنّه منك أعلم |
وكقول الشاعر :
إذا سايرت أسماء يوما ظعينة |
|
فأسماء من تلك الظعينة أملح |
والتقدير : أعلم منك ؛ وأملح من تلك الظعينة.
٣ ـ لا يفصل بين «من» والمفضول وبين العامل إلّا بمعموله ، أو «لو» ، أو النّداء ، كقوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)(١) وكقول الشاعر :
وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة |
|
على المرء من وقع الحسام المهنّد |
__________________
(١) من الآية ٦ من سورة الأحزاب.