توكّل عليه وكفى ، فها انا اشرع في المقصود بعون الملك المعبود ، فأقول : لمّا كان من الواجب على كلّ طالب لشيء أن يتصوّر ذلك الشيء اوّلاً ليكون على بصيرة في طلبه وأن يتصوّر غايته لانّه هو السبب الحامل على الشروع في طلبه بدأ مصنّف بتعريف التصريف على وجه يتضمّن فائدته متعرّضاً لمعناه اللغوي إشعاراً بالمناسبة بين المعنيين ، فقال مخاطباً بالخطاب العامّ : [ اعلم أنّ التصريف (١) ] وهو تفعيل من الصرف للمبالغة والتكثير [ في اللّغة التّغيير ] تقول صرّفت الشيء ، أي غيّرته (٢) يعني أنّ للتصريف معنيين ، لغوي : وهو (٣) ما (٤) وضعه (٥) له (٦) واضع لغة العرب ، واللغة : هي الألفاظ الموضوعة من لغي بالكسر يلغي لغيً اذا لهج بالكلام واصلها لغي أو لغو والهاء عوض عنهما وجمعها لغيً مثل برةً وبريً وقد جاء اللّغات ايضاً ، وصناعي : وهو ما وضعه له أهل هذه الصناعة واليه اشار بقوله [ وفي الصناعة ] بكسر الصّاد ، وهى : العلم الحاصل من التّمرن على العمل والمراد هاهنا صناعة التصريف أي التصريف في الإصطلاح (تحويل الاصل الواحد) أي تغييره والاصل ما يبنىٰ عليه شيء ، والمراد هاهنا المصدر [ الى أمثلة ] أي أبنية وصيغ ، وهي الكلم باعتبار هيئات تعرض لها من الحركات والسّكنات ، وتقديم بعض الحروف على بعض وتأخيره عنه [ مختلفة ] باختلاف الهيئة نحو ضَرَبَ ويَضْرِبُ ونحوهما من مشتقات [ لمعان ] جمع معنىً ، وهو في الأصل مصدر ميمي من العناية
____________________________
(١) اعلم أنّ طالب كل شيء ينبغي أن يتصوّر أوّلاً ذلك الشّيء بوجه مّا لأنَّ المجهول من جميع الوجوه لا يمكن طلبه وينبغي أيضاً أن يتصوّر الغرض من مطلوبه لأنه إن لم يتصوّره يكون سعيه عبثاً ، سعدالدين.
(٢) مرجع الضمير الشيء. |
(٤) ما بمعنى شيء. |
|
(٣) مرجع الضمير لغويّ. |
(٥) مرجع الضمير الشّيء. |
(٦) مرجع الضمير للتّصريف. |