فإن قلت : إذا كان المراد التصديق فما وجه مجىء (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ)؟.
قلت : وجه الجملة الأولى توكيد صحة التصديق بإثبات علم المصدق ، ووجه الثانية الإشارة إلى أن القائلين تلك المقالة الصادقة قليل ، أو أن الذى قالها منهم عن يقين قليل ، أو لما كان التصديق فى الآية خفيا لا يستخرجه إلا مثل ابن عباس قيل ذلك ، ولهذا كان يقول : أنا من ذلك القليل ، هم سبعة وثامنهم كلبهم.
وقيل : هى واو الحال وعلى هذا فيقدر المبتدأ اسم إشارة أى هؤلاء سبعة ؛ ليكون فى الكلام ما يعمل فى الحال ، ويرد ذلك أن حذف عامل الحال إذا كان معنويا ممتنع ، ولهذا ردوا على المبرد قوله فى بيت الفرزدق :
[فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم |
|
إذ هم قريش] وإذ ما مثلهم بشر [١٢٠] |
إن مثلهم حال ناصبها خبر محذوف ، أى وإذ ما فى الوجود بشر مماثلا لهم.
الثانية : آية الزمر ؛ إذ قيل (فُتِحَتْ) فى آية النار لأن أبوابها سبعة ، (وَفُتِحَتْ) فى آية الجنة إذ أبوابها ثمانية ، وأقول : لو كان لواو الثمانية حقيقة لم تكن الآية منها ؛ إذ ليس فيها ذكر عدد ألبتة ، وإنما فيها ذكر الأبواب ، وهى جمع لا يدل على عدد خاص ، ثم الواو لبست داخلة عليه ، بل على جملة هو فيها ، وقد مرّ أن الواو فى (وَفُتِحَتْ) مقحمة عند قوم وعاطفة عند آخرين ، وقيل : هى واو الحال ، أى جاؤها مفتّحة أبوابها كما صرّح بمفتحة حالا فى (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) وهذا قول المبرد والفارسى وجماعة ، قيل : وإنما فتحت لهم قبل مجيئهم إكراما لهم عن أن يقفوا حتى تفتح لهم.
الثالثة : (وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) فإنه الوصف الثامن ، والظاهر أن العطف