فى هذا الوصف بخصوصه إنما كان من جهة أن الأمر والنهى من حيث هما أمر ونهى متقابلان ، بخلاف بقية الصفات ، أو لأن الآمر بالمعروف ناه عن المنكر ، وهو ترك المعروف ، والناهى عن المنكر آمر بالمعروف ؛ فأشير إلى الاعتداد بكل منهما (١) وأنه لا يكتفى فيه بما يحصل فى ضمن الآخر ، وذهب أبو البقاء على إمامته فى هذه الآية مذهب الضعفاء فقال : إنما دخلت [الواو] فى الصفة الثامنة إيذانا بأن السبعة عندهم عدد تام ؛ ولذلك قالوا : سبع فى ثمانية ، أى سبع أذرع فى ثمانية أشبار ، وإنما دخلت الواو على ذلك لأن وضعها على مغايرة ما بعدها لما قبلها.
الرابعة : (وَأَبْكاراً) فى آية التحريم ، ذكرها القاضى الفاضل ، وتبجح باستخراجها ، وقد سبقه إلى ذكرها الثعلبى ، والصواب أن هذه الواو وقعت بين صفتين هما تقسيم لمن اشتمل على جميع الصفات السابقة ، فلا يصح إسقاطها ، إذ لا تجتمع الثيوبة والبكارة ، وواو الثمانية عند القائل بها صالحة للسقوط ، وأما قول الثعلبى إن منها الواو فى قوله تعالى : (سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) فسهو بيّن ، وإنما هذه واو العطف ، وهى واجبة الذكر ، ثم إن (أَبْكاراً) صفة تاسعة لا ثامنة ؛ إذ أول الصفات (خَيْراً مِنْكُنَّ) لا (مُسْلِماتٍ) ؛ فإن أجاب بأن مسلمات وما بعده تفصيل لخيرا منكن فلهذا لم تعدّ قسيمة لها ، قلنا : وكذلك (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) تفصيل للصفات السابقة فلا نعدّهما معهن.
والعاشرة : الواو الداخلة على الجملة الموصوف بها لتأكيد لصوقها بموصوفها وإفادتها أن اتصافه بها أمر ثابت ، وهذه الواو أثبتها الزمخشرى ومن قلّده ، وحملوا على ذلك مواضع لواو فيها كلّها واو الحال نحو (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) الآية (سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) والمسوغ لمجىء
__________________
(١) فى نسخة «بكل من الوصفين»