فقيل : هى للنداء والمنادى محذوف ، وقيل : هى لمجرد التنبيه ، لئلا يلزم الإجحاف بحذف الجملة كلها ، وقال ابن مالك : إن وليها دعاء كهذا البيت أو أمر نحو (ألا يا اسجدوا) فهى للنداء ، لكثرة وقوع النداء قبلهما نحو (يا آدَمُ اسْكُنْ) (يا نُوحُ اهْبِطْ) ونحو (يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) وإلّا فهى للتنبيه ، والله أعلم.
الباب الثانى من الكتاب
فى تفسير الجملة ، وذكر أقسامها ، وأحكامها
شرح الجملة ، وبيان أن الكلام أخصّ منها ، لا مرادف لها
الكلام : هو القول المفيد بالقصد.
والمراد بالمفيد : ما دل على معنى يحسن السكوت عليه.
والجملة عبارة عن الفعل وفاعله كـ «قام زيد» والمبتدأ وخبره كـ «زيد قائم» وما كان بمنزلة أحدهما نحو «ضرب اللّصّ» و «أقائم الزّيدان» و «كان زيد قائما» و «ظننته قائما».
وبهذا يظهر لك أنهما ليسا بمترادفين كما يتوهمه كثير من الناس ، وهو ظاهر قول صاحب المفصل ، فإنه بعد أن فرغ من حد الكلام قال : ويسمى جملة ، والصواب أنها أعمّ منه ، إذ شرطه الإفادة ، بخلافها ، ولهذا تسمعهم يقولون : جملة الشرط ، جملة الجواب ، جملة الصلة ، وكل ذلك ليس مفيدا ، فليس بكلام.
وبهذا التقرير يتضح لك صحة قول ابن مالك فى قوله تعالى (ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ، وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ، وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ، أَفَأَمِنَ