أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ) إن الزمخشرى حكم بجواز الاعتراض بسبع جمل ، إذ زعم أن (أَفَأَمِنَ) معطوف على (فَأَخَذْناهُمْ) وردّ عليه من ظن أن الجملة والكلام مترادفان فقال : إنما اعترض بأربع جمل ، وزعم أن من عند (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى) إلى (وَالْأَرْضِ) جملة ، لأن الفائدة إنما تتم بمجموعه.
وبعد ، ففى القولين نظر.
أما قول ابن مالك فلأنه كان من حقه أن يعدها ثمان جمل ، إحداها (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) وأربعة فى حيز لو ـ وهى (آمنوا ، واتقوا ، وفتحنا) والمركبة من أنّ وصلتها مع ثبت مقدرا أو مع ثابت مقدرا ، على الخلاف فى أنها فعلية أو اسمية ، والسادسة (وَلكِنْ كَذَّبُوا) والسابعة (فَأَخَذْناهُمْ) والثامنة (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ).
فإن قلت : لعله بنى ذلك على ما اختاره ونقله عن سيبويه من كون أن وصلتها مبتدأ لا خبر له ، وذلك لطوله وجريان الإسناد فى ضمنه.
قلت : إنما مراده أن يبين ما لزم على إعراب الزمخشرى ، والزمخشرى يرى أن أنّ وصلتها هنا فاعل بثبت.
واما قول المعترض فلأنه كان من حقه أن يعدها ثلاث جمل ، وذلك لأنه لا يعدّ (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) جملة ؛ لأنها حال مرتبطة بعاملها ، وليست مستقلة برأسها ، وبعدّ لو وما فى حيزها جملة واحدة : إما فعلية إن قدّر ولو ثبت أن أهل القرى آمنوا واتقوا ، أو اسمية إن قدر ولو أن إيمانهم وتقواهم ثابتان ، ويعدّ (وَلكِنْ كَذَّبُوا) جملة ، و (فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) كله جملة ، وهذا هو التحقيق ، ولا ينافى ذلك ما قدمناه فى تفسير الجملة ، لأن الكلام هنا ليس فى مطلق الجملة ، بل فى الجملة بقيد كونها جملة اعتراض ، وتلك لا تكون إلا كلاما تاما.