يدفعها عن المسلمين بل اتبع فيها سيرة أبي بكر فلو كان يعلم بصواب الزهراء وصحة دعواها ما انتهج ذلك المنهج.
ولا أريد أن أفتح في الجواب بحث التقية على مصراعيه وأوجه بها عمل أمير المؤمنين ، وانّما امنع ان يكون أمير المؤمنين (ع) قد سار على طريقة الصديق ، فان التأريخ لم يصرح بشيء من ذلك بل صرح بأن أمير المؤمنين كان يرى فدكاً لأهل البيت ، وقد سجل هذا الرأي بوضوح في رسالته إلى عثمان بن حنيف كما سيأتي.
فمن الممكن انّه كان يخص ورثة الزهراء وهم أولادها وزوجها بحاصلات فدك وليس في هذا التخصيص ما يوجب اشاعة الخبر لأن المال كان عنده وأهله الشرعيون هو وأولاده كما يحتمل انّه كان ينفق غلاتها في مصالح المسلمين برضى منه ومن اولاده عليهم الصلاة والسلام (١) بل لعلهم أوقفوها وجعلوها من الصدقات العامة.
ولما ولي معاوية بن أبي سفيان الخلافة أمعن في السخرية وأكثر من الاستخفاف بالحق المهضوم فاقطع مروان بن الحكم ثلث فدك وعمر بن عثمان ثلثها ، ويزيد ابنه ثلثها الآخر ، فلم يزالوا يتداولونها حتى خلصت كلّها لمروان بن الحكم أيّام ملكه ثم صفت لعمر بن عبدالعزيز بن مروان فلما تولّى هذا الأمر رد فدكاً على ولد فاطمة عليهاالسلام وكتب إلى واليه على المدينة أبي بكر بن عمرو بن حزم يأمره بذلك فكتب إليه انّ فاطمة عليهاالسلام قد ولدت في آل عثمان وآل فلان وفلان فعلى من أرد منهم ؟ فكتب إليه : أما بعد ، فاني لو كتبت اليك آمرك أن تذبح
__________________
(١) وهذا أقرب الاحتمالات ، لان الأول تنفيه رسالة أمير المؤمنين إلى عثمان بن حنيف اذ يقول : وسخت عنها نفوس آخرين. والثالث يبعده قبول الفاطميين فيما بعد لفدك عند ما أعطيت اليهم في فرص متباعدة.