مستعجلاً ونسجل صورة واضحة الألوان للعهد الانقلابي بالمقدار الذي يتصل بغرضنا.
ولا أعني بالانقلاب حين أصف عهد الخليفة الأول بذلك إلا مفهومه الحقيقي المنطبق على تلوّن السلطة الحاكمة بشكل جمهوري يتقوم بالثورة ويكتسب صلاحياته من الجماعات المنتخبة ونزعها لشكلها الأول الذي يستمد قوته وسلطته من السماء.
فقد كانت تلك اللحظة التي ضرب بها بشير بن سعد على يد الخليفة نقطة التحول في تأريخ الإسلام التي وضعت حداً لأفضل العهود وأعلنت عهداً آخر نترك تقريضه للتاريخ.
وقد كان ذلك في اليوم الذي حانت فيه الساعة الأخيرة في تاريخ النبوات التي قطعت اقدس اداة وصل بين السماء والارض وابركها وأفيضها خيراً ونعمة واجودها صقلاً للانسانية اذ لفظ سيد البشر نفسه الأخير وطارت روحه إلى الرفيق الأعلى فكان قاب قوسين أو أدنى فهرع الناس إلى بيت النبوّة الذي كان يشرق باضوائه لتوديع العهد المحمدي السعيد وتشييع النبوّة التي كانت مفتاح مجد الأمة وسر عظمتها واجتمعوا حوله تتقاذفهم شتى الخواطر وترتسم في افكارهم ذكريات من روعة النبوّة وجلال النبي العظيم وقد خيل اليهم ان هذه السنوات العشر التي نعموا فيها برعاية خير الأنبياء وأبر الآباء كانت حلماً لذيذاً تمتعوا به لحظة من زمان وازدهرت به الإنسانية برهة من حياتها وهاهم قد افاقوا على أسوا ما يستيقظ عليه نائم.
وبينما كان المسلمون في هذه الغمرة الطاغية ، والصمت الرهيب لا ينطق منهم أحد بكلمة ، وقد اكتفوا في تأبين الراحل العظيم بالدموع والحسرات والخشوع والذكريات يفاجؤون بصوت يجلجل في الفضاء ويقطع خيط الصمت الذي لف المجتمعين وهو يعلن انّ رسول الله (ص)