الله صلىاللهعليهوآله فدكاً لفاطمة فليس من وجه لتسليمها إلى علي والعباس إلا الإرث.
واذن ففي المسألة تقديران ( أحدهما ) انّ عمر كان يتهم الخليفة بوضع الحديث في نفي الإرث ( والآخر ) انّه تأوله وفهم منه معنى لا ينفي التوريث ولكن لم يذكر تأويله ولم يناقش به أبا بكر حينما حدث به وسواء أصح هذا أو ذاك ، فالجانب السياسي في المسألة ظاهر وإلا فلماذا يتهم عمر الخليفة بوضع الحديث إذا لم يكن في ذلك ما يتصل بسياسة الحكم ، يومئذ ، ولماذا يخفي تأويله وتفسيره ، وهو الذي لم يتحرج عن ابداء مخالفته للنبي أو الخليفة الأول فيما اعترضهما من مسائل.
واذا عرفنا انّ الزهراء نازعت في أمر الميراث بعد استيلاء الحزب الحاكم عليه ، لأن الناس لم يعتادوا ان يستأذنوا الخليفة في قبض مواريثهم أو في تسليم المواريث إلى أهلها ، فلم تكن فاطمة في حاجة إلى مراجعة الخليفة ولم تكن لتأخذ رأيه وهو الظالم المنتزي على الحكم في رأيها فالمطالبة بالميراث لابد انّها كانت صدى لما قام به الخليفة من تأميمه للتركة على ما نقول اليوم والاستيلاء عليها.
( أقول ) : إذا عرفنا هذا وانّ الزهراء لم تطالب بحقوقها قبل ان تنتزع منها : ـ تجلى لدينا ان ظرف المطالبة كان مشجعاً كل التشجيع للمعارضين على أن يغتنموا مسألة الميراث مادة خصبة لمقاومة الحزب الحاكم على أسلوب سلمي كانت تفرضه المصالح العليا يومئذ واتهامه بالغصب والتلاعب بقواعد الشريعة والاستخفاف بكرامة القانون.
* * *
واذا أردنا ان نفهم المنازعة في اشكالها واسبابها على ضوء الظروف المحيطة بها وتأثيرها كان لزاماً علينا ان نعرض تلك الظروف عرضاً