واجتماع الأنصار فيها واخبر ابا بكر بذلك ومادمنا نعلم ان الوحي لم ينزل عليه بذلك النبأ فلابد انّه ترك البيت النبوي بعد ان جاء أبو بكر واقنعه بوفاة النبي فلماذا ترك البيت ولما اختصّ أبا بكر بنبأ السقيفة إلى كثير من هذه النقاط التي لا نجد لها تفسيراً معقولاً أولى من ان يكون في الأمر اتفاق سابق بين أبي بكر وعمر وأبي عبيدة على خطة معينة في موضوع الخلافة وهذا التقدير التاريخي قد نجد له شواهد عديدة تجيز لنا افتراضه.
الاول : تخصيص عمر لأبي بكر بنبأ السقيفة كما سبق واصراره على استدعائه بعد اعتذاره بأنّه مشغول حتى اشار إلى الغرض ولمح إليه خرج مسرعاً وذهبا على عجل إلى السقيفة ، وكان من الممكن ان يطلب غيره من أعلام المهاجرين بعد اعتذاره عن المجييء ، فهذا الحرص لا يمكن ان نفسره بالصداقة التي كانت بينهما ، لأنّ المسألة لم تكن مسألة صداقة ولم يكن أمر منازعة الأنصار يتوقف على أن يجد عمر صديقاً له بل على أن يستعين بمن يوافقه في أحقيّة المهاجرين أياً كان.
ولا ننسى ان نلاحظ انّه أرسل رسولاً إلى أبي بكر ، ولم يذهب بنفسه ليخبره بالخبر خوفاً من انتشاره في البيت تسامع الهاشميين أو غير الهاشميين به وقد طلب من الرسول في المرة الثانية ان يخبره بحدوث أمر لابد ان يحضره ونحن لا نرى حضور أبي بكر لازماً في ذلك الموضوع إلا إذا كانت المسألة مسألة خاصة وكان الهدف تنفيذ خطة متفق عليها سابقاً.
الثاني : موقف عمر من مسألة وفاة النبي (ص) وادعاؤه انّه لم يمت ولا يستقيم في تفسيره ان نقول انّ عمر ارتبك في ساعة الفاجعة وفقد صوابه وادّعى ما ادّعى. لأنّ حياة عمر كلّها تدل على انّه ليس من هذا الطراز وخصوصاً موقفه الذي وقفه في السقيفة بعد تلك القصّة مباشرة