نعم انّها الفتنة ثم هي ام الفتن بلا ريب.
ما أروعك يا بضعة النبي حين تكشفين القناع عن الحقيقة المرة وتتنبئين لأمة أبيك بالمستقبل الرهيب الذي تلتمع في أفقه سحب حمراء ؟
ماذا أقول ؟ .. بل انهار من دم تزخر بالجماجم وهي تنعى على سلفها الصالح فعلهم وتقول : إلا انّهم في الفتنة سقطوا وان جهنم لمحيطة بالكافرين.
كانت العمليات السياسية يومئذ فتنة وكانت أم الفتن.
كانت فتنة في رأي الزهراء ـ على الأقلّ ـ لأنّها خروج على الحكومة الإسلامية الشرعية القائمة في شخص علي هارون النبي (ص) والاولى من المسلمين بأنفهسم (١).
ومن مهازل القدر أن يعتذر الفاروق عن موقفه بأنّه خاف الفتنة وهو لا يعلم ان اتنزاع الأمر ممن اراده له رسول الله (ص) باعتراف عمر (٢) هو الفتنة بعينها المستوعبة لكل ما لهذا المفهوم من ألوان.
وأنا لا أدري ما منع هؤلاء الخائفين من الفتنة الذين لا مطمع لهم في السلطان إلا بمقدار ما يتصل بصالح الإسلام ان يسألوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن خليفته أو يطلبوا منه أن يعين لهم المرجع
__________________
(١) بنص حديث الغدير الذي رواه « ١١١ » من الصحابة و (٨٤) من التابعين باحسان و « ٣٥٣ » مؤلف من اخواننا السنة كما يظهر بمراجعة كتاب « الغدير » للعلامة الاميني. واحب أن ألاحظ هنا ان كثيراً من القرآن لم يروه من الصحابة عدد يبلغ مبلغ الرواة لحديث الغدير منهم فالتشكيك فيه ينتهي بالمشكك إلى التشكيك في القرآن الكريم.
وأما دلالة الحديث على خلافة علي وامامته فهي أيضاً ترتفع عن التشكيك لوضوحها وبداهتها وتعدد القرائن عليها ولتراجع في ذلك «مراجعات» سيدنا سادن المذهب وحامي التشيع في دنيا الإسلام آية الله السيد عبدالحسين شرف الدين دام ظله العالي.
(٢) راجع ج ٣ شرح النهج ص ١١٤ و ١١٥.