أما لعمر الله لقد لقحت فنظرة ريثما تجلب ثم احتلبوها طلاع القعب دماً عبيطاً هنالك يخسر المبطلون ويعرف التالون غب ما اسّس الأولون ثم طيبوا عن أنفسكم نفساً وابشروا بسيف صارم وهرج شامل واستبداد من الظالمين يدع فيأكم زهيداً وجمعكم حصيداً فيا حسرة عليكم ) (١).
لئن كان الصديق وصاحباه يشكلون حزباً ذا طابع خاص فمن العبث ان ننتظر منهم تصريحاً بذلك أو نتوقع ان يعلنوا عن الخطوط الرئيسية لمناهجهم ويبرروا بها موقفهم يوم السقيفة ومع هذا :
فلا بد من مبرر ..
ولا بد من تفسير ..
فقد ظهر في ذلك الموقف تسرعهم إلى اتمام البيعة لأحدهم وتلهفهم على المقامات العليا تلهفاً لم يكن منتظراً بالطبع من صحابة على نمطهم لأن المفروض فيهم انّهم أناس من نوع اكمل وعقول لا تفكر إلا في صالح المبدأ ولا تعبأ إلا بالاحتفاظ له بالسيادة العليا. أما الملك الشخصي وأما اقتناص الكراسي فلا ينبغي ان يكون هو الغاية في حساب تلامذة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أحسّ الحاكمون بذلك وادركوا ان موقفهم كان شاذا على أقل تقدير فأرادوا ( رضي الله عنهم ) ان يرقعوا موقفهم بالأهداف السامية والخوف على الإسلام من هبوب فتنة طاغية تجهز عليه ونسوا أن الرقعة تفضح موضعها وان الخيوط المقحمة في الثوب تشي بها.
ولذا دوت الزهراء بكلمتها الخالدة : ـ
زعمتم خوف الفتنة إلا في الفتنة سقطوا وان جهنم لمحيطة بالكافرين
__________________
(١) وردت هذه القطعة في خطابها الثاني الذي ألقته على نساء المهاجرين والأنصار في بيتها.