ـ رضياللهعنهم ، وكانوا أهل فصاحة وهم ممن يحتج بكلامهم ، ولكن هذا لا يعني أن الصحابة غيّروا كلّ ألفاظ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإنما التغيير كان يشمل الكلمة أو الكلمتين. وقد وصلنا كلام الصحابي مدونا مكتوبا ؛ لأن التدوين الكثير بدأ من عهد التابعين ، ولم يكن تدوين التأليف والتصنيف ، وإنما كان تدوينا مفرقا على أدوات الكتابة التي كانت متاحة ، وبدأ تدوينه في مصنفات مجموعة في عهد تابعي التابعين ، ووصلنا من مصنفات تابعي التابعين موطأ الإمام مالك. فقد ثبت أنه كان يكتب عن الزهري ، وكان يحقق ما كتبه عن الزهري بقراءته عليه للتحقق من صحة ما كتب.
ورواية الإمام مالك عن الزهري السلسلة الذهبية في الفصاحة : فالإمام مالك عربي ، والزهري عربيّ فصيح ، بل كان من أفصح أهل زمانه [انظر الإمام الزهري من تصنيفي] ، والزهري ما كان يأخذ إلا عن رواة من العرب ، من كبار التابعين. وخذ مثلا : الإمام مالك ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة : فمن أين يأتي اللحن إلى هذه السلسلة.
و ـ قال الدّماميني (محمد بن أبي بكر ـ ٨٢٧ ه) في «شرح التسهيل» : إن من يقول ـ من المحدثين ـ بجواز النقل بالمعنى ، فإنما هو عنده بمعنى التجويز العقلي الذي لا ينافي وقوع نقيضه ـ فلذلك تراهم يتحرون في الضبط ويتشددون مع قولهم بجواز النقل بالمعنى ، فيغلب على الظن من هذا كله أنها لم تبدل ، ويكون احتمال التبديل فيها مرجوحا. [الخزانة ١ / ١٤].
ز ـ وعلى فرض أن بعض الأحاديث رويت بالمعنى ، فإن آلافا من الأحاديث رويت باللفظ. ولماذا يقبل النقل بالمعنى في الشعر ، ولا يقبل في الحديث مع أنّ التابعين الذين بدّلوا اللفظ في الحديث ـ على فرض حصوله ـ كانوا من الصحابة أو التابعين ممن يحتج بكلامهم ، أما رواية بيت الشعر بالمعنى فلا يعلم من الذي بدّله ، أهو عربي فصيح أم هو من رواة العجم.
ح ـ قال الميمني : «النقل بالمعنى شيء ليس بمقصور على الأحاديث فحسب ، بل إنّ تعدد الروايات في بيت واحد من هذا القبيل ، والقول بأنّ منشأه تعدد القبائل