والتقدير ، وكلاهما يستوجب عليّ أن أقول له ؛ كما قال ابن مالك في ألفية ابن معطي :
وهو بسبق حائز تفضيلا |
|
مستوجب ثنائي الجميلا |
ولكنني وجدت عملهما مقصورا نفعه على العلماء والباحثين الذين يمتلكون المصادر النحوية التي حوت الشواهد ، أما طلبة العلم وصغار الباحثين ، والمعلمون وهواة قراءة الشعر ، والمتأدّبون ... فإنهم لا يستفيدون من المعجمين السابقين ، وقد لا يبلّ هذان المصدران عطشهم ، لأنّ امتلاك المصادر النحويّة كلها أمر عسير ولأن بيئات المثقفين متباينة : بعضهم يسكن المدينة الكبيرة التي تتوفر فيها المكتبات العامة والخاصة ، وبعضهم يسكن القرية أو المدينة الصغيرة التي لا يوجد فيها إلا القليل من المكتبات ، وإذا وجدت المكتبة ، فلا تضم إلا نماذج قليلة من الكتب.
وعنيت من بين من ذكرتهم المعلمين الذين يعملون في مدارس نائية عن العاصمة والمدن الكبرى ، وليس في مكتبات مدارسهم إلا القليل من الكتب ، فمثل هؤلاء إذا أراد أحدهم أن يعرف مدلول شاهد نحوي ، وكان عنده أحد المعجمين السابقين ، فإنه لن يجد ضالته فيهما ، وقد يدلانه على مصدر ليس موجودا في مكتبته أو مكتبة مدرسته ، وبهذا لا يفيد نفسه ولا يفيد تلاميذه. ولذلك فكّرت في صناعة معجم للشواهد النحوية ، خفيف حمله ، كثير نفعه ، قد يغني عن حمل بعير من كتب النحو ، وضمنته ما يلي :
١ ـ الشواهد التي جاءت في جميع كتب النحو التي ألفت قبل العصر الحديث وضممت إليها شواهد كتاب واحد من كتب المحدثين ، هو «جامع الدروس العربية» للشيخ مصطفى الغلاييني ، ذلك أنني ورثت حبّ هذا الكتاب عن شيخي سعيد الأفغاني لكثرة ثنائه عليه ، ولأن هذا الكتاب جامع حقا لموضوعات العربية ، بأسلوب يجمع بين الأصالة والمعاصرة ، مع فهم عميق لمدلول النصّ والشاهد.